كلام القاضي المعتزلي و ابن تيمية و آخرين

أقول:
وقد تحيّر القوم كيف يدافعون عن عمر؟
قال قاضي القضاة المعتزلي ـ بعد إيراد خبر معاذ ـ : «وهذا غير لازم، لأنه ليس في الخبر أنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل… وإنما قال ما قال في معاذ لأنه نبّهه على أنها حامل».
وأجاب السيد علم الهدى: «يقال له: ما تأولت به في الخبر من التأويل بعيد، لأنه لو كان الخبر على ما ظننته لم يكن تنبيه معاذ له على هذا الوجه، بل كان يجب أن ينبّهه بأن يقول له: هي حامل، ولا يقول له: إن كان لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها، لأن هذا القول من عنده أنه أمر برجمها مع العلم بأنها حامل، وأقل ما يجب لو كان الأمر على ما ظنّه صاحب الكتاب أن يقول لمعاذ: ما ذهب عليَّ أن الحامل لا ترجم، وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها… وقد كان يجب أيضاً أن يسأل عن الحمل، لأنه أحد الموانع من الرجم»(1).
أقول: وهذا ما أشار إليه الفخر الرازي في كلامه المزبور من أنه أشرّ من الأول.
فاضطرّ الفخر إلى أن يجيب عن الحجة الثالثة بقوله:
«قلنا: لم لا يجوز أن يقال: إنه حصل له هذه العلوم الكثيرة بعد أبي بكر، وذلك لأنه عاش بعده زماناً طويلاً، فلعلّه حصّلها في هذه المدّة، فلم قلتم: إنه في زمان حياة أبي بكر كان أعلم منه؟»(2).
أقول: هذا كلّ ما قاله الفخر الرازي في الجواب، فانظر هل تراه دافعاً للإشكال عن عمر وعن أبي بكر، وأنصف؟!
وابن روزبهان، اضطرّ لأن يقول: الأئمة المجتهدون قد يعرض لهم الخطأ في الأحكام، إما لغفلة أو نسيان أو عروض حالة تدعو إلى الاستعجال في الحكم، والإنسان لا يخلو عن السّهو والنسيان، والعلماء وأرباب الفتوى يرجعونهم إلى حكم الحق…(3).
وهو كما ترى إقرارٌ بجهل عمر وأعلميّة الإمام عليه السلام… .
وكذلك في شرح المواقف في مبحث الأفضلية(4)، فإنه بعد أن أورد القضيّة وغيرها كشواهد لأعلميّة الإمام علي عليه السلام وأفضليّته، ومع ذلك، خلص إلى القول بأفضليّة الشيخين من أمير المؤمنين عليه السلام، لأن الصحابة قالوا بذلك، وحسن الظنّ بهم يقتضي اتّباعهم فيه!
وأمّا ابن تيمية فقال: «والجواب: إن هذه القصّة إن كانت صحيحةً فلا تخلو من أن يكون عمر لم يعلم أنها حامل فأخبره علىٌ بحملها… وإما أن يكون عمر قد غاب عنه كون الحامل لا ترجم، فلما ذكره علي ذكر ذلك ولهذا أمسك…»(5).
فاقرأ واحكم بإنصاف.

(1) الشافي في الإمامة 4 / 180.
(2) الأربعين في اصول الدين: 316.
(3) دلائل الصدق 3 / 130.
(4) شرح المواقف 8 / 372.
(5) منهاج السنّة 6 / 42.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *