ذكر ارتداد ابن أبي سرح و قد كان من كتّاب الوحي

أقول:
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: «حدّثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد… وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في شأن ابن أبي سرح.
ذكر من قال ذلك: حدّثني ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل… وهو عبد اللّه بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأزلّه الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به النبي صلى اللّه عليه وسلّم أن يقتل يوم فتح مكة، فاستجار له أبو عمر، فأجاره النبي صلى اللّه عليه وسلم»(1).
قلت: كذا في النسخة: «فاستجار له أبو عمرو» وهو خطأ أو تحريف.
فلقد رواه الحافظ السيوطي عن ابن جرير وفيه: «فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان، فأجاره النبي»(2).
وروى الحافظ ابن حجر الخبر عن يزيد عن عكرمة فنقص منه نزول الآية فيه، وذكر فيه: «فاستجار له عثمان فأجاره النبي»(3).
أقول:
وكلّ هذه المحاولات ـ من التكذيب لأصل الخبر، والتحريف للفظه ـ إنما هي تغطية لعار يلحق القوم، إذ الرجل كان أخا عثمان من الرضاعة، قالوا: أهدر النبي صلّى اللّه عليه وآله دمه، وأمر بقتله في جماعة ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، لكن عثمان حافظ عليه فغيّبه، حتى أتى به رسول اللّه فاستأمنه، فصمت عليه وآله الصلاة والسلام طويلاً ثم قال: نعم. فلما انصرف عثمان قال لمن حوله: ما صمتُّ إلا ليقوم أحدكم فيضرب عنقه(4).

(1) تفسير الطبري 14 / 124.
(2) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4 / 132.
(3) الإصابة في معرفة الصحابة 2 / 317.
(4) الإصابة 2 / 317، الإستيعاب على هامش الإصابة 2 / 376.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *