هل عائشة أفضل من خديجة؟

إنه ينسب القول بذلك إلى كثير من أهل السنّة، ليردّ بذلك على العلاّمة حيث نسبه إلى أهل السنّة عامة ـ كما هو ظاهر عبارته ـ لكنه يحتج له بما رواه المبطلون عن رجال البغي والعدوان، ولا يذكر قولاً آخر من أهل السنّة، بل يجيب عن الحديث في فضل خديجة ـ مع التشكيك في سنده ـ وهذه عبارته:
«وهؤلاء يقولون: قوله لخديجة: ما أبدلني اللّه خيراً منها ـ إن صح ـ معناه: ما أبدلني خيراً لي منها. فإن خديجة نفعته في أوّل الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها، فكانت خيراً له من هذا الوجه، لكونها نفعته وقت الحاجة.
وعائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أوّل النبوّة، فكانت أفضل لهذه الزيادة، فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها، وبلّغت من العلم والسنّ ما لم تبلّغه غيرها، فخديجة كان خيرها مقصوراً على نفس النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، لم تبلّغ عنه شيئاً ولم تنتفع بها الأمة كما انتفعوا بعائشة.. وفي الجملة: الكلام في تفضيل عائشة وخديجة ليس هذا موضع استقصائه»(1).
أقول:
وأوّل ما فيه: نسبة المعنى المذكور إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله، وهو خلاف ظاهر الحديث، وهو وإن عزا الكلام إلى غيره لكن سكوته عنه قبول له، فكيف يجوز لأحد أن يشهد على رسول اللّه بما هو خلاف ظاهر كلامه؟
ثم إنه كلام باطل، إذ أنه يعترف بحصول نفع له من خديجة لم يحصل من غيرها، ثم يدّعي أن النفع الحاصل من عائشة للأمة أكثر، وهل يفرق المسلم بين النفع الحاصل (له) و(للأمة)؟
ثم أي نفع حصل من عائشة للأمة لم يحصل من غيرها؟
وهل كان من غيرها من الأزواج ما كان منها من إثارة الفتن وإيقاع النفاق والشقاق بين الأمّة.
ثم إن تشكيكه في صحة الحديث وتصحيحه لما رووه في فضل عائشة، دليل آخر على أن الكلام المذكور له ـ ولا أقلّ من كونه موافقاً عليه ـ لكنه ينسبه إلى غيره لكونه عالماً ببطلانه، وأنه مخالفة صريحة لكلام الرسول صلّى اللّه عليه وآله!
ثم إن الرجل بعد أن ذكر جملة من الأكاذيب في فضل عائشة، وحمل الحديث في فضل خديجة ـ مع التشكيك في سنده ـ على خلاف المراد منه قال:
«الكلام في تفضيل عائشة ليس هذا موضع استقصائه».
ثم عاد مرّة إلى نقل موضوعات أخرى في فضل عائشة… .
وكلّ ذلك أدلّة وشواهد على ما ذكره العلاّمة.

(1) منهاج السنّة 4 / 303 ـ 304.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *