سقوط كلّ حديثٍ يشتمل على تحريم المتعة في خيبر

وبهذا يسقط عن الاعتبار كلّ حديث اشتمل على تحريم المتعة في خيبر، كهذا الذي اتفقوا على روايته.
وكذا ما أخرجه مسلم في باب نكاح المتعة، وأحمد في مسنده بسند فيه الزهري أيضاً، عن سبرة قال: «نهى رسول اللّه عن متعة النساء يوم خيبر»(1).
وما أخرجه البخاري في كتاب النكاح بسنده عن الزهري أيضاً: «حدّثنا مالك بن إسماعيل قال: حدّثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يقول: أخبرني الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبد اللّه عن أبيهما أن عليّاً قال لابن عباس: إن النبي صلّى اللّه عليه وآله نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبر»(2).
وما في الترمذي(3) وفي النسائي لكن مع إبهام ابن عباس!! فقال: «عن أبيهما أن عليّاً بلغه أن رجلاً لا يرى بالمتعة بأساً، فقال: إنك تائه، إنه نهاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عنها وعن لحوم الحمر الأهليّة يوم خيبر»(4).
وما في المسند عن الزهري عنهما قال: وكان حسن أرضاهما في أنفسنا: «إن عليّاً قال لابن عباس: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبر»(5).
وما أخرجه مالك عن الزهري عن عبد اللّه والحسن عن أبيهما محمد بن الحنفيّة عن أبيه علي رضي اللّه تعالى عنه أنه قال: «نادى منادي رسول اللّه يوم خيبر: ألا إن اللّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وآله ينهاكم عن المتعة»(6).
وكذا غيرها ممّا أخرجوه في صحاحهم ومسانيدهم..
وكلّ هذا باطل بالإجماع كما عرفت.
وقال ابن القيّم تلميذ ابن تيميّة: «وقصّة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديّات، ولا استأذنوا في ذلك رسول اللّه، ولا نقله أحد قط في هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذكر ألبتة، لا فعلاً ولا تحريماً»(7).
وبما ذكرنا يظهر أن قول ابن تيمية: «وقد تنازع رواة حديث علي..» لا يحلّ مشكلتهم، لأنها محاولة فاشلة. قال ابن كثير: «وقد حاول بعض العلماء أن يجيب عن حديث علي، بأنه وقع فيه تقديم وتأخير… وإلى هذا التقرير كان ميل شيخنا أبي الحجاج المزي. ومع هذا، ما رجع ابن عباس عمّا كان يذهب إليه من إباحتها»(8).
وأيضاً: فقول ابن تيمية: «وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنه رجع عن ذلك لمّا بلغه حديث النهي» مردود بأنه حديث مكذوب عليه، وقد نصّ ابن كثير أيضاً على أنه ما رجع.
وقال ابن حجر عن ابن بطال: «وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة»(9).
كما وضعوا عن جابر أيضاً حديثاً في تحريم النبي صلّى اللّه عليه وآله المتعة في غزوة تبوك. وقد نصّ ابن حجر على أنه «لا يصح، فإنه من طريق عباد بن كثير، وهو متروك»(10).

(1) صحيح مسلم 4 / 134.
(2) صحيح البخاري 6 / 129.
(3) سنن الترمذي 3 / 163.
(4) سنن النسائي 6 / 125 ـ 126.
(5) مسند أحمد 1 / 79.
(6) الموطأ 2 / 74 بشرح السيوطي.
(7) زاد المعاد 2 / 184.
(8) تاريخ ابن كثير 4 / 220.
(9) فتح الباري 9 / 139.
(10) فتح الباري 9 / 139.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *