المنهج الأول: في الأدلة العقلية

المنهج الأول: في الأدلة العقلية
وهي خمسة:
الأول
إن الإمام يجب أن يكون معصوماً، ومتى كان كذلك كان الإمام هو علي عليه السلام.
أما المقدّمة الأولى، فلأن الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يعيش منفرداً، لافتقاره في بقائه إلى مأكل وملبس ومسكن لايمكنه بنفسه، بل يفتقر إلى مساعدة غيره، بحيث يفزع كل منهم لما يحتاج إليه صاحبه حتى يتم نظام النوع. ولمّا كان الإجتماع في مظنة التغالب والتناوش، فإن كلّ واحد من الأشخاص قد يحتاج إلى ما في يد غيره، فتدعوه قوّته الشهوية إلى أخذه وقهره عليه وظلم فيه، فيؤدّي ذلك إلى وقوع الهرج والمرج وإثارة الفتن، فلا بدّ من نصب إمام معصوم يصدّهم عن الظلم والتعدّي ويمنعهم عن التغلّب والقهر وينتصف للمظلوم من الظالم ويوصل الحق إلى مستحقه، لا يجوز عليه الخطأ ولا السهو ولا المعصية، وإلا لافتقر إلى إمام آخر! لأن العلّة المحوجة إلى نصب الإمام هي جواز الخطأ على الأمة، فلو جاز الخطأ عليه لاحتاج إلى إمام، فإن كان معصوماً كان هو الإمام، وإلا لزم التسلسل.
وأما المقدّمة الثانية فظاهرة، لأن أبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا معصومين اتفاقاً، وعلي عليه السلام معصوم، فيكون هو الإمام.
الثاني
إن الإمام يجب أن يكون منصوصاً عليه، لما بيّنا من بطلان الإختيار وأنه ليس بعض المختارين لبعض الأمة أولى من البعض المختار للآخر، ولأدائه إلى التنازع والتناحر، فيؤدّي نصب الإمام إلى أعظم الفساد التي لأجل إعدام الأقلّ منها أوجبنا نصبه. وغير علي عليه السلام من أئمتهم لم يكن منصوصاً عليه بالإجماع، فتعيّن أن يكون هو الإمام.
الثالث
إن الإمام يجب أن يكون حافظاً للشرع، لانقطاع الوحي بموت النبي صلّى اللّه عليه وآله، وقصور الكتاب والسنة عن تفاصيل أحكام الجزئيات الواقعة إلى يوم القيامة، فلا بدّ من إمام منصوب من اللّه تعالى معصوم من الزلل والخطأ، لئلاّ يترك بعض الأحكام أو يزيد فيها عمداً أو سهواً، وغير علي عليه السلام لم يكن كذلك بالإجماع.
الرابع
إن اللّه تعالى قادر على نصب إمام معصوم، والحاجة للعالم داعية إليه ولا مفسدة فيه، فيجب نصبه. وغير علي عليه السلام لم يكن كذلك إجماعاً. فتعيّن أن يكون الإمام هو علي عليه السلام.
أما القدرة فظاهرة، وأما الحاجة فظاهرة أيضاً، لما بيّنا من وقوع التنازع بين العالم، وأما انتفاء المفسدة فظاهر أيضاً، لأن المفسدة لازمة لعدمه، وأما وجوب نصبه، فلأنه عند ثبوت القدرة والداعي وانتفاء الصارف يجب الفعل.
الخامس
إن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيّته، وعلي عليه السلام أفضل أهل زمانه على ما يأتي، فيكون هو الإمام، لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلاً ونقلاً. قال اللّه تعالى: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *