من كلمات المستدلّين بالحديث على الإمامة

من كلمات المستدلّين بالحديث على الإمامة:
قال القاضي عضد الدين الايجي ـ في الأدلّة على إمامة أبي بكر ـ :
«الثامن: إنّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم استخلف أبا بكر في الصّلاة وما عزله فيبقى إماماً فيها، فكذا في غيرها، إذ لا قائل بالفصل، ولذلك قال عليٌّ رضي اللّه عنه: قدّمك رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في أمر ديننا، أفلا نقدّمك في أمر دنيانا؟!(1)
وقال الفخر الرازي ـ في حجج خلافة أبي بكر ـ :
«الحجّة التاسعة: إنّه عليه السلام استخلفه على الصلاة أيّام مرض موته وما عزله عن ذلك، فوجب أن يبقى بعد موته خليفةً له في الصلاة، وإذا ثبتت خلافته في الصلاة ثبتت خلافته في سائر الأُمور، ضرورة أنّه لا قائل بالفرق»(2).
وقال الأصفهاني:
«الثالث: إنّ النبي استخلف أبا بكر في الصلاة أيّام مرضه، فثبت استخلافه في الصلاة بالنقل الصحيح، وما عزل النبي أبا بكر رضي اللّه عنه عن خلافته في الصلاة، فبقي كون أبي بكر خليفةً في الصلاة بعد وفاته، وإذا ثبت خلافة أبي بكر في الصلاة بعد وفاته، ثبت خلافته بعد وفاته في غير الصلاة، لعدم القائل بالفصل»(3).
وقال النيسابوري صاحب التفسير، بتفسير آية الغار:
«استدلّ أهل السُنّة بالآية على أفضليّة أبي بكر وغاية اتّحاده ونهاية صحبته وموافقة باطنه ظاهره، وإلاّ لم يعتمد الرسول عليه في مثل تلك الحالة، وأنّه كان ثاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في الغار. وفي العلم لقوله ]صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم[ ما صبّ في صدري شيء إلاّ وصببته في صدر أبي بكر(4). وفي الدعوة إلى اللّه، لأنّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم عرض الإيمان أوّلاً على أبي بكر فآمن، ثمّ عرض أبو بكر الإيمان على طلحة والزبير وعثمان بن عفّان وجماعة أُخرى من أجلّة الصحابة، وكان لا يفارق الرسول صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في الغزوات وفي أداء الجماعات وفي المجالس والمحافل.
وقد أقامه في مرضه مقامه في الإمامة . . .»(5).
وقال الكرماني بشرح الحديث:
«وفيه فضيلة أبي بكر رضي اللّه عنه، وترجيحه على جميع الصحابة، وتنبيه على أنّه أحقّ بخلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم من غيره»(6).
وقال العيني:
«(ذكر ما يستفاد منه)، وهو على وجوه: الأول: فيه دلالة على فضل أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه. الثاني: فيه أنّ أبا بكر صلّى بالناس في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت في هذه الإمامة التي هي الصغرى دلالة على الإمامة الكبرى. الثالث: فيه أنّ الأحقّ بالإمامة هو الأعلم»(7).
وقال النووي:
«فيه فوائد: منها: فضيلة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه وترجيحه على جميع الصحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين وتفضيله وتنبيه على أنّه أحقّ بخلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم من غيره، ومنها: أنّ الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلّي بهم، وأنّه لا يستخلف إلاّ أفضلهم. ومنها: فضيلة(8) عمر بعد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل إلى غيره»(9).
وقال المناوي بشرحه:
«تنبيه: قال أصحابنا في الأُصول: يجوز أنْ يجمع عن قياس، كإمامة أبي بكر هنا، فإنّ الصحب أجمعوا على خلافته ـ وهي الإمامة العظمى ـ ومستندها القياس على الإمامة الصغرى، وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم»(10).
وفي «فواتح الرحموت بشرح مسلَّم الثبوت» في مبحث الإجماع.
«(مسألة: جاز كون المستند قياساً خلافاً للظاهرية) وابن جرير الطبري، (فبعضهم منع الجواز) عقلاً، (وبعضهم منع الوقوع) وإنْ جاز عقلاً (والآحاد) أي أخبار الآحاد (قيل كالقياس) اختلافاً. (لنا: لا مانع . . . (وقد وقع قياس الإمامة الكبرى) وهي الخلافة العامة (على إمامة الصلاة . . . والحقّ أنّ أمره صلّى اللّه عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم إيّاه بإمامة الصلاة كان إشارة إلى تقدّمه في الإمامة الكبرى على ما يقتضيه ما في صحيح مسلم . . .»(11).
لكنّك قد عرفت أنّ الحديث ليس له سند معتبر في الصحاح فضلاً عن غيرها، ومجرّد كونه فيها ـ وحتّى في كتابي البخاري ومسلم ـ لا يغني عن النظر في سنده . . . وعلى هذا، فلا أصل لجميع ما ذكروا، ولا أساس لجميع ما بنوا . . . في العقائد وفي الفقه وفي علم الأُصول . . .

(1) هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام قطعاً، والذي جاء به . . . مرسلاً كما في الاستيعاب 3 / 97 هو الحسن البصري المعروف بالإرسال والتدليس والانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام!!
(2) الأربعين في اصول الدين 2 / 292.
(3) مطالع الأنظار في شرح طوالع الأنوار، في علم الكلام: 233.
(4) انظر: الرسالة السابعة.
(5) غرائب القرآن ورغائب الفرقان 3 / 471.
(6) الكواكب الدراري 5 / 52.
(7) عمدة القاري 5 / 203.
(8) وذلك لأنّ أبا بكر قال لعمر: صلِّ للنّاس . . . وكأنّ أقوال أبي بكر وأفعاله حجّة؟! على أنّهم وقعوا في إشكال في هذه الناحية، كما ستعرف!
(9) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم 4 / 116.
(10) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 5 / 665.
(11) فواتح الرّحموت بشرح مسلَّم الثبوت 2 / 239 ـ 240.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *