النبي سدّ الأبواب الاّ باب علي

النبي سدّ الأبواب الاّ باب علي
روى أحمد باسناده عن سعد، قال: «أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي رضي الله عنه»(1).
وروى الترمذي باسناده عن ابن عبّاس: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر بسدّ الأبواب الاّ باب علي»(2).
وروى الحاكم النيسابوري باسناده عن زيد بن أرقم قال: «كانت لنفر من اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبواب شارعة في المسجد، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً: سدّوا هذه الأبواب الاّ باب عليّ قال: فتكلّم في ذلك ناس، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فاني أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكن اُمرت بشيء فاتبعته»(3).
وروى النسائي عن الحرث بن مالك، قال: «أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت له: هل سمعت لعلّي منقبة؟ قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المسجد فنودي فينا لسدّه ليخرج من في المسجد الا آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: فخرجنا، فلما أصبح أتاه عمّه، فقال: يا رسول الله، أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام، ان الله هو أمر به»(4).
وباسناده عن ابن عبّاس: «وسدّ أبواب المسجد غير باب علي رضي الله عنه، وكان يدخل المسجد وهو جنب وهو طريقه ليس له طريق غيره»(5).
وروى الحمويني باسناده عن بريدة الأسلمي، قال: «أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بسدّ الأبواب، فشق ذلك على أصحابه، فلما بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا: الصلاة جامعة، حتى إذا اجتمعوا صعد المنبر وخطبهم، فلم يسمع لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحميد وتعظيم في خطبة مثل يومئذ فقال: يا أيّها الناس، ما أنا سددتها ولا انا فتحتها، بل الله عزّوجل سدّها، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)(6)فقال رجل: دع لي كوة تكون في المسجد، فأبى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وترك باب علي مفتوحاً، فكان يدخل ويخرج منه وهو جنب».
وروى ابن المغازلي باسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: «لما قدم أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا، ثم ان القوم بنوا بيوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلى المسجد، وان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث اليهم معاذ بن جبل فنادى أبا بكر فقال: إن رسول الله يأمرك أن تخرج من المسجد، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى عمر، فقال: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمرك أن تسدّ بابك الذي في المسجد وتخرج منه، فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، غير أني أرغب إلى الله في خوخة في المسجد فأبلغه معاذ ما قال عمر، ثم أرسل إلى عثمان وعنده رقية فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى حمزة فسدّ بابه وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، وعلي على ذلك يتردد، لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: اسكن طاهراً مطهراً، فبلغ حمزة قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي، فقال: يا محمّد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب؟ فقال له نبي الله: لا. لو كان الأمر لي ما جعلت من دونكم من أحد، والله ما أعطاه إياه إلا الله، وإنك لعلى خير من الله ورسوله، أبشر! فبشّره النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقتل يوم أحد شهيداً، ونفس ذلك رجال على علي فوجدوا في انفسهم وتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من اصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقام خطيباً فقال: إن رجالا يجدون في انفسهم في أني أسكنت علياً في المسجد، والله ما أخرجتهم ولا اسكنته، ان الله عزّوجل أوحى الى موسى وأخيه (أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ)(7) وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله الا هارون وذريته، وان علياً مني بمنزلة هارون من موسى وهو أخي دون اهلي، ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء الا علي وذريته، فمن ساءه فها هنا، وأومأ بيده نحو الشام»(8).
وروى ابن المغازلي باسناده عن نافع مولى ابن عمر قال: قلت لابن عمر: «من خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: ما أنت وذاك لا أم لك، ثم قال: استغفر الله! خيرهم بعده من كان يحلّ له ما كان يحل له ويحرم عليه ما كان يحرم عليه، قلت: من هو؟ قال: علي سدّ أبواب المسجد وترك باب علي، وقال له: لك في هذا المسجد ما لي وعليك فيه ما علي، وأنت وارثي ووصيي تقضي ديني وتنجز عداتي وتقتل على سنتي، كذب من زعم انه يبغضك ويحبني»(9).
وروى الهيثمي عن جابر بن سمرة قال: «أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسد الأبواب كلها غير باب علي رضي الله عنه فقال العبّاس: يا رسول الله، قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج، قال: ما امرت بشيء من ذلك فسدها كلها غير باب علي، قال: وربما قال: مرّ وهو جنب»(10).
وروى ابن حجر باسناده عن أبي اسحاق: «سألت ابن عمر عن عثمان وعلي، فقال: تسأل عن علي فقد رأيت مكانه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه سد أبواب المسجد الا باب علي»(11).
وروى المتقي باسناده عن ابن عبّاس: «ما أنا اخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته ولكن الله أخرجكم وتركه، انما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت، ان اتبع الا ما يوحى الي»(12).
وروى الهيثمي عن ابن عبّاس، قال: «لما اخرج أهل المسجد وترك علياً قال النّاس في ذلك فبلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا تركته ولكن الله أخرجكم وتركه انما أنا عبدٌ مأمور، ما أمرت به فعلت ان اتبع الاّ ما يوحى الي»(13).
وروى عن علي بن أبي طالب قال: «أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيدي فقال: ان موسى سأل ربه ان يطهّر مسجده بهارون، واني سألت ربي أن يطهّر مسجدي بك وبذريتك، ثم ارسل إلى أبي بكر أن سد بابك فاسترجع ثم قال سمع وطاعة، فسد بابه ثم ارسل إلى عمر، ثم أرسل إلى العبّاس بمثل ذلك ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم».
وعن علي قال «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انطلق فمرهم فليسدوا أبوابهم، فانطلقت فقلت لهم ففعلوا الا حمزة، فقلت: يا رسول الله، قد فعلوا الا حمزة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: قل لحمزة فليحوّل بابه، فقلت: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمرك ان تحول بابك فحوّله فرجعت اليه وهو قائم يصلي، فقال: إرجع إلى بيتك»(14).
قال البدخشي: «أخرج النسائي من طريق العلاء بن عوار، قال: قلت لابن عمر أخبرني عن علي وعثمان، فذكر الحديث وقال فيه: واما علي فلا تسأل عنه احداً وانظر إلى منزلته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قد سدّ أبوابنا في المسجد وأقرّ بابه»(15).
قال: «والمعنى ان باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره، فلذلك لم يأمر بسده، ويؤيد ذلك ما أخرجه اسماعيل القاضي في (احكام القرآن) من طريق المطلب بن عبدالله بن حنطب ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب الا لعلي بن أبي طالب، لأن بيته كان في المسجد»(16).
وقال السيد شهاب الدين أحمد: «روي ان بعض الصحابة رضي الله عنهم قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله وبارك وسلم: يا رسول الله دع لي كوة حتى انظر اليك منها حين تغدو وحين تروح، فقال رسول الله: لا والله ولا مثل ثقب الأبرة»(17).
وروى الكنجي باسناده عن محمّد بن علي: «انه سمع جابر بن عبدالله يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: سدوا الأبواب كلها الا باب علي ابن أبي طالب وأومأ بيده إلى باب علي»(18).
وروى باسناده عن ابن عبّاس: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر بسد الأبواب الا باب علي بن أبي طالب:
قلت: هذا حديث حسن عال، وانما أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بسد الأبواب، وذلك لأن أبواب مساكنهم كانت شارعة إلى المسجد، فنهى الله تعالى عن دخول المساجد مع وجود الحيض والجنابة، فعم النبي بالنهي عن الدخول في المسجد والمكث فيه للجنب والحائض، وخص علياً بالاباحة في هذا الموضع وما ذاك دليل على اباحة المكروه له، وانما خص بذلك لعلم المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنه يتحرى من النجاسة هو وزوجته فاطمة واولاده صلوات الله عليهم، وقد نطق القرآن بتطهيرهم في قوله عزّوجل(19) (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(20).
وروى السمهودي عن عبدالله بن مسلم الهلالي عن أبيه عن أخيه، قال: «لما أمر بسد أبوابهم التي في المسجد خرج حمزة بن عبد المطلب يجر قطيفة له حمراء وعيناه تذرفان يبكي يقول: يا رسول الله أخرجت عمّك واسكنت ابن عمك؟ فقال: ما أنا اخرجتك ولا اسكنته ولكن الله اسكنه»(21).
وقال: «أسند ابن زبالة ويحيى من طريقه عن رجل من اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: بينما الناس جلوس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ خرج مناد فنادى: ايّها الناس، سدوا أبوابكم، فتحسحس الناس لذلك ولم يقم أحد، ثم خرج الثانية، فقال: ايّها الناس سدوا أبوابكم فلم يقم احد، فقال الناس: ما أراد بهذا؟ فخرج فقال: ايّها الناس سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب، فخرج الناس مبادرين وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر كساءه حين نادى سدوا أبوابكم قال: ولكل رجل منهم باب إلى المسجد، أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قال: وجاء علي حتى قام على رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: ما يقيمك؟ إرجع إلى رحلك، ولم يأمر بالسد، فقالوا: سد ابوابنا وترك باب علي وهو أحدثنا، فقال بعضهم: تركه لقرابته، فقالوا: حمزة أقرب منه وأخوه من الرضاعة وعمه، وقال بعضهم: تركه من اجل ابنته، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فخرج اليهم بعد ثالثة فحمد الله واثنى عليه محمراً وجهه ـ وكان إذا غضب أحمر عرق في وجهه ـ ثم قال: أما بعد ذلكم، فان الله أوحى إلى موسى ان اتخذ مسجداً طاهراً لا يسكنه الا هو وهارون وابناء هارون شبراً وشبيراً، وان الله أوحى اليّ أن اتخذ مسجداً طاهراً لا يسكنه الا أنا وعلي وأبناء علي حسن وحسين، وقد قدمت المدينة، واتخذت بها مسجداً، وما أردت التحول اليه حتى أمرت، وما اعلم الا ما علّمت، وما اصنع الا ما أمرت، فخرجت على ناقتي فلقيني الأنصار يقولون: يا رسول الله أنزل علينا، فقلت: خلوا الناقة فانها مأمورة حتى نزلت حيث بركت، والله ما أنا سددت الأبواب وما أنا فتحتها، وما أنا أسكنت علياً ولكن الله اسكنه»(22).

(1) مسند أحمد ج1 ص175، ورواه ابن عسكر ج1 ص262.
(2) سنن الترمذي ج5 ص305، ورواه ابن المغازلي في المناقب ص260 الحديث 308 وابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص258، والوصابي في أسنى المطالب الباب الثالث عشر ص78 ومطالب السؤل ص44.
(3) المستدرك على الصحيحين ج3 ص125، ورواه أحمد في الفضائل ج1 حديث 107 والنسائي في الخصائص13 والهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص114، والخوارزمي في المناقب ص235 وابن عساكر عنه وعن البراء بن عازب ج1 ص257 وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص41 وأحمد في المسند ج4 ص369 والكنجي في كفاية الطالب ص203، وابن حجر في الصواعق: 74، والوصابي الباب 13 ص78.
(4) خصائص أميرالمؤمنين ص13.
(5) الخصائص ص9 و13 و14.
(6) سورة النجم: 1ـ4.
(7) سورة يونس: 87.
(8) المناقب ص254، الحديث 203.
(9) المصدر ص261، الحديث 309.
(10) مجمع الزوائد ج9 ص115، ورواه البدخشي في مفتاح النجا، ص55.
(11) لسان الميزان ج4 ص165.
(12) كنز العمال ج11 ص600 طبع حلب.
(13) مجمع الزوائد ج9 ص115.
(14) المصدر ج9 ص114، ورواه الوصابي في أسنى المطالب الباب الثالث عشر ص79 رقم19.
(15) نزل الأبرار ص35.
(16) المصدر ص37.
(17) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص480.
(18) كفاية الطالب ص201.
(19) كفاية الطالب ص202.
(20) سورة الأحزاب: 33.
(21) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ج2 ص477.
(22) وفاء الوفاء باخبار المصطفى ج2 ص478.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *