دلالة الحديث

دلالة الحديث
أقول: اختلف المفسّرون في المقصود بتأويل القرآن ومعنى قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(1) الآية، وهل الواو في «الراسخون» عاطفة أو للأستيناف؟ ذهب مفسّروا الشيعة إلى أن الواو عاطفة، والراسخون في العلم الذين يعلمون تأويل القرآن هم الأئمة الإثنا عشر عليهم السلام، أولهم علي ابن أبي طالب عليه السّلام الذي قال صلّى الله عليه وآله وسلّم في فضله «يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله».
واستدل العلامة الحلي بهذه الرواية على امامة علي بن أبي طالب عليه السّلام قائلا: «في مسند ابن حنبل، ان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا ولكنه خاصف النعل، وكان علي بخصف نعل رسول الله في الحجرة عند فاطمة»(2).
ناقش في ذلك الفضل بن روزبهان فقال: «صح هذا الحديث، وهذا لا يدل على النص بخلافته، بل إخبار عن مقاتلته في سبيل الله مع العصاة والبغاة».
وأجابه السيد القاضي نور الله التستري قائلا: «في الحديث دليل قاهر وبيان ظاهر، واشارة واضحة إلى النص على مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام… وقوله صلّى الله عليه وآله: يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله، يقتضي التشبيه والمماثلة لأن الكاف للتشبيه، والمشابهة لابدّ وأن تكون حقاً للمواد المتصلة اليه من الله سبحانه. فلا يجوّز أن يشبه الشيء بخلافه ولا يمثله بضده بل يشبه الشيء بمثله، ويمثل بنظيره فيكون عليه السّلام مشابهه في الولاية، لهذا ولاية التنزيل ولهذا ولاية التأويل ويكون قتاله على التأويل مشبهاً بقتاله على التنزيل، لأن إنكار التأويل كانكار التنزيل لأن منكر التنزيل جاحد لقبوله، ومنكر التأويل جاحد للعمل به فهما سواء في الجحود، وليس مرجع قتال الفريقين الا إلى النبي صلّى الله عليه وآله والإمام، فدل على ان المراد بذلك القول (منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) الإمامة لا غير، وحديث خاصف النعل حديث مشهور بين الفريقين»(3).
فيلزم اتباع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وهو اتباع النبي صلّى الله عليه وآله.
قال العلامة الحلي: «النبوة أصل للأمامة، والأمامة فرعها، والأمام قائم مقام النبي عليه الصلاة والسّلام في املاء الدعوى، ولطف الامامة أعم من لطف النبوة لقوله تعالى: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(4) ويشترط في الإمام ما يشترط في النبي لأجل جزم المكلف بصحة الدعوى، لكن يشترط في النبي العصمة فيشترط في الإمام ذلك»(5).

(1) سورة آل عمران: 7.
(2) كشف الحق ونهج الصدق، باب الأخبار المتواترة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الدالة على امامته عليه السّلام ص104.
(3) احقاق الحق ص330 مخطوط.
(4) سورة الرعد: 7.
(5) الألفين ص280.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *