عليٌ وصيُ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

عليٌ وصيُ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

قال السيّد ـ رحمه اللّه ـ:
«1 ـ نصوص الوصيّة متواترة عن أئمّة العترة الطاهرة، وحسبك ممّا جاء من طريق غيرهم ما سمعته في المراجعة 20 من قول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد أخذ برقبة عليّ: هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
وأخرج محمّد بن حميد الرازي، عن سلمة الأبرش، عن ابن إسحاق، عن أبي ربيعة الأيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه بريدة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: لكلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ وصيي ووارثي عليّ بن أبي طالب(1). انتهى.
وأخرج الطبراني في الكبير، بالإسناد إلى سلمان الفارسي، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: إنّ وصيي وموضع سرّي، وخير مَن أترك بعدي، وينجز عدتي، ويقضي ديني: عليّ بن أبي طالب. عليه السلام(2)..
وهذا نصّ في كونه الوصي، وصريح في أنّه أفضل الناس بعد النبيّ، وفيه من الدلالة الالتزامية على خلافته، ووجوب طاعته، ما لا يخفى على أُولي الألباب.
وأخرج أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء، عن أنس، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا أنس! أوّل من يدخل عليك هذا الباب إمام المتّقين، وسيّد المرسلين، ويعسوب الدين، وخاتم الوصيّين، وقائد الغُرّ المحجّلين.
قال أنس: فجاء عليّ فقام إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مستبشراً، فاعتنقه وقال له: أنت تؤدّي عنّي، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي(3).
وأخرج الطبراني في الكبير، بالإسناد إلى أبي أيّوب الأنصاري، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، قال: يا فاطمة! أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ اطّلع على أهل الأرض، فاختار منهم أباك فبعثه نبيّاً، ثمّ اطّلع الثانية، فاختار بعلك، فأوحى إليّ، فأنكحته واتّخذته وصيّاً(4).
انظر كيف اختار اللّه عليّاً من أهل الأرض كافّة بعد أن اختار منهم خاتمة أنبيائه؟!
وانظر إلى اختيار الوصيّ وكونه على نسق اختيار النبيّ..
وانظر كيف أوحى اللّه إلى نبيّه أن يزوّجه ويتّخذه وصيّاً؟!
وانظر هل كانت خلفاء الأنبياء من قبل إلاّ أوصياءهم؟!
وهل يجوز تأخير خيرة اللّه من عباده، ووصيّ سيّد أنبيائه، وتقديم غيره عليه؟!
وهل يصحّ لأحد أن يتولّى الحكم عليه، فيجعله من سوقته ورعاياه؟!
وهل يمكن عقلاً أن تكون طاعة ذلك المتولّي واجبة على هذا الذي اختاره اللّه كما اختار نبيّه؟!
وكيف يختاره اللّه ورسوله ثمّ نحن نختار غيره (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً)(5).
وقد تضافرت الروايات أن أهل النفاق والحسد والتنافس لمّا علموا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سيزوّج عليّاً من بضعته الزهراء ـ وهي عديلة مريم وسيّدة نساء أهل الجنّة ـ حسدوه لذلك وعظم عليهم الأمر، ولا سيّما بعد أن خطبها مَن خطبها فلم يفلح(6)، وقالوا: إنّ هذه ميزة يظهر بها فضل عليّ، فلا يلحقه بعدها لاحق، ولا يطمع في إدراكه طامع، فأجلبوا بما لديهم من إرجاف، وعملوا لذلك أعمالاً، فبعثوا نساءهم إلى سيّدة نساء العالمين ينفّرنها، فكان ممّا قلن لها: إنّه فقير ليس له شيء. لكنّها عليها السلام لم يخفَ عليها مكرهنّ، وسوء مقاصد رجالهنّ، ومع ذلك لم تبدِ لهنّ شيئاً يكرهنه، تمّ ما أراده اللّه عزّ وجلّ ورسوله لها.
وحينئذ أرادت أن تظهر من فضل أمير المؤمنين ما يخزي اللّه به أعداءه، فقالت: يا رسول اللّه! زوّجتني من فقير لا مال له؟ فأجابها صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، بما سمعت.
وإذا أراد اللّه نشر فضيلة *** طويت أتاح لها لسان حسودِ
وأخرج الخطيب في المتّفق بسنده المعتبر إلى ابن عبّاس، قال: لمّا زوّج النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فاطمة من عليّ، قالت فاطمة: يا رسول اللّه! زوّجتني من رجل فقير ليس له شيء؟
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: أما ترضين أنّ اللّه اختار من أهل الأرض رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك(7). انتهى.
وأخرج الحاكم في مناقب علي ص 129 من الجزء الثالث من المستدرك عن طريق سريج بن يونس، عن أبي حفص الأبار، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قالت فاطمة: يا رسول اللّه! زوّجتني من عليّ وهو فقير لا مال له؟
قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا فاطمة! أما ترضين أنّ اللّه عزّ وجلّ اطّلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك. انتهى.
وعن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: أما ترضين أنّي زوّجتك أوّل المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً، وأنّك سيّدة نساء أُمّتي، كما سادت مريم نساء قومها. أما ترضين ـ يا فاطمة ـ أنّ اللّه أطّلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين، فجعل أحدهما أباك، والآخر بعلك(8). انتهى.
وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعد هذا إذا ألمّ بسيّدة النساء من الدهر لمم، يذكّرها بنعمة اللّه ورسوله عليها؛ إذ زوّجها من أفضل أُمّته، ليكون ذلك عزاء لها، وسلوة عمّا يصيبها من طوارق الدهر..
وحسبك شاهداً لهذا ما أخرجه الإمام أحمد في ص 26 من الجزء الخامس من مسنده من حديث معقل بن يسار، إنّ النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، عاد فاطمة في مرض أصابها على عهده، فقال لها: كيف تجدينك؟
قالت: واللّه! لقد اشتدّ حزني، واشتدّت فاقتي، وطال سقمي.
قال صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: أوَ ما ترضين أنّي زوّجتك أقدم أُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً. انتهى.
والأخبار في ذلك متضافرة لا تحتملها مراجعتنا»(9).

قال السيّد ـ رحمه اللّه ـ:
«وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى عليّ لا يمكن جحودها، إذ لا ريب في أنّه عهد إليه ـ بعد أن أورثه العلم والحكمة(10) ـ بأن يغسّله ويجهّزه ويدفنه(11)،
ويفي دينه، وينجز وعده ويبرئ ذمّته(12)،
ويبيّن للناس بعده ما اختلفوا فيه(13) من أحكام اللّه وشرائعه عزّ وجلّ، وعهد إلى الأُمّة بأنّه وليّها من بعده(14)، وأنّه أخوه(15)، وأبو ولده(16)،
وأنّه وزيره(17)، ونجيّه(18)،
ووليّه ووصيّه(19)، وباب مدينة علمه(20)، وباب دار حكمته(21)، وباب حطّة هذه الأُمّة(22)، وأمانها، وسفينة نجاتها(23)، وأنّ طاعته فرض عليها كطاعته، ومعصيته موبقة لها كمعصيته(24)، وأنّ متابعته كمتابعته، ومفارقته كمفارقته(25)، وأنّه سِلم لمَن سالمه، وحرب لمَن حاربه(26)، ووليّ لمَن والاه، وعدوّ لمَن عاداه(27)، وأنّ مَن أحبّه فقد أحبّ اللّه ورسوله، ومَن أبغضه فقد أبغض اللّه ورسوله(28)، ومَن والاه فقد والاهما، ومَن عاداه فقد عاداهما(29)، ومَن آذاه فقد آذاهما(30)، ومَن سبّه فقد سبّهما(31)، وأنّه إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور مَن نصره، مخذول مَن خذله(32)، وأنّه سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغُرّ المحجّلين(33)، وأنّه راية الهدى، وإمام أولياء اللّه، ونور مَن أطاع اللّه، والكلمة التي ألزمها اللّه للمتّقين(34)، وأنّه الصدّيق الأكبر، وفاروق الأُمّة، ويعسوب المؤمنين(35)، وأنّه بمنزلة الفرقان العظيم، والذكر الحكيم(36)، وأنّه منه بمنزلة هارون من موسى(37)، وبمنزلته من ربّه(38)، وبمنزلة رأسه من بدنه(39)، وأنّه كنفسه(40)، وأنّ اللّه عزّ وجلّ أطّلع إلى أهل الأرض فاختارهما منها(41)، وحسبك عهده يوم عرفات من حجّة الوداع بأنّه لا يؤدّي عنه إلاّ عليّ(42).
إلى كثير من هذه الخصائص التي لا يليق لها إلاّ الوصيّ، والمخصوص منهم بمقام النبيّ.
فكيف وأنّى ومتى يتسنّى لعاقل أن يجحد بعدها وصيّته، أو يكابر بها لولا الغرض؟!
وهل الوصيّة إلاّ العهد ببعض هذه الشؤون؟!
2 ـ أمّا أهل المذاهب الأربعة، فإنّما أنكرها منهم المنكرون؛ لظنّهم أنّها لا تجتمع مع خلافة الأئمّة الثلاثة.
3 ـ ولا حجّة لهم علينا بما رواه البخاري وغيره عن طلحة بن مصرف؛ حيث قال: سألت عبداللّه بن أبي أوفى: هل كان النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، أوصى؟
فقال: لا.
قلت: كيف كتب على الناس الوصية ـ ثمّ تركها ـ؟!
قال: أوصى بكتاب اللّه. انتهى..
فإنّ هذا الحديث غير ثابت عندنا، على أنّه من مقتضيات السياسة وسلطتها، وبقطع النظر عن هذا كلّه، فإنّ صحاح العترة الطاهرة قد تواترت في الوصيّة، فليضرب بما عارضها عرض الجدار.
4 ـ على أنّ أمر الوصيّة غني عن البرهان، بعد أن حكم به العقل والوجدان(43).
وإذا استطال الشيء قام بنفسه *** وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
أمّا ما رواه البخاري عن ابن أبي أوفى، من أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، أوصى بكتاب اللّه، فحقّ، غير أنّه أبتر، لأنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، أوصى بالتمسّك بثقليه معاً، وعهد إلى أُمّته بالاعتصام بحبليه جميعاً، وأنذرها الضلالة إن لم تستمسك بهما، وأخبرها أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض.
وصحاحنا في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسبك ممّا صحّ من طريق غيرهم ما أوردناه في المراجعة 8 وفي المراجعة 54»(44).

فقيل:
في المراجعة 67 لم يزد شيخ الأزهر عن التسليم بما جاء في المراجعة التي قبلها، ورميه أهل السُنّة وهو واحد منهم بالجهل، ومن ثمّ طلب التعلّم من الموسوي، وكأنّه تلميذ صغير أمام إمام كبير. فتأمّل هذا.
وفي المراجعة 68 يفيض الموسوي بعلمه على هذا التلميذ الصغير مبيّناً أحاديث الوصيّة، وحكم عليها بالتواتر قبل عرضها، ولما كان حكمه لا يعول عليه ولا يعتد به، لأنّ الرافضة ـ وهو أحد أعلامهم ـ من أكذب الناس وأجهلهم بالرواية والمروي، ومقياس صحّة الرواية عندهم موافقتها لمذهبهم، ولا قيمة للاسناد عندهم بل هم من أجهل الناس به. لهذا كلّه سنعرض إلى هذه الأحاديث إن شاء اللّه ونبيّن رأي أهل العلم بالحديث فيها.
1 ـ حديث: «هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا» فقد مضى القول فيه في ردّنا على المراجعة رقم 20، وتبيّن لنا من خلال آراء العلماء أنّه حديث موضوع. انظر تفصيل ذلك في ما سبق.
2 ـ أمّا حديث بريدة: «لكلّ نبيّ وصيّ ووارث وإنّ وصيي ووارثي عليّ بن أبي طالب» والذي حاول الموسوي أنّ يصحّحه ويردّ تكذيب الذهبي لهذا الحديث، فهو حديث ضعيف بسبب محمّد بن حميد الرازي.
قال الذهبي في ترجمة شريك بن عبداللّه النخعي في ميزان الاعتدال 3 : 273: محمّد بن حميد الرازي ـ وليس بثقة ـ حدّثنا سلمة الأبرش، حدّثنا ابن إسحاق عن شريك، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً: «لكلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ عليّاً وصيي ووارثي» ثمّ قال الذهبي عقب ذلك: هذا كذب ولا يحتمله شريك.
وإذا رجعنا إلى ترجمة محمّد بن حميد الرازي الذي حاول الموسوي توثيقه نجده ضعيفاً مضعفاً عند أئمّة الجرح والتعديل.
ففي ميزان الاعتدال 4 : 530: محمّد بن حميد الرازي، ضعّفه الذهبي، وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير، وقال البخاري: فيه نظر، وكذّبه أبو زرعة. وقال فَضْلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألف حديث، ولا أُحدّث عنه بحرف، ولقد دخلت عليه وهو يركّب الأسانيد على المتون. وعن الكوسج قال: أشهد أنّه كذّاب. وقال صالح جزرة: ما رأيت أجرأ على اللّه منه: كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضه على بعض، وما رأيت أحذق بالكذب منه. وقال ابن خِراش: حدّثنا ابن حميد وكان واللّه يكذب. وجاء عن غير واحد: أنّ ابن حميد كان يسرق الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو أخذت الإسناد عن ابن حميد فإنّ أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه! قال: إنّه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلاً.
فإذا كان أهل الصنعة قد ضعّفوا محمّد بن حميد فكيف يكون ثقة؟! وكيف تكون روايته صحيحة؟! ولو سلّمنا بتوثيق ابن معين له، فإنّ رأي المجروحين أولى بالاعتبار لكثرتهم ومزيد علمهم. وبرغم هذا فقد صحّح الموسوي هذه الرواية بل واعتبرها متواترة لا لشيء إلاّ لأنّها توافق مذهبه. فتأمّل هذا تجده واضحاً.
3 ـ أمّا حديث سلمان الفارسي: «إنّ وصيي وموضع سرّي وخير مَن ترك بعدي… الحديث» فقد ذكر ابن الجوزي رحمه اللّه بهذا الحديث أربع طرق. ثمّ قال: هذا حديث لا يصحّ.
أمّا الطريق الأوّل: ففيه إسماعيل بن زياد؛ قال ابن حبّان: لا يحلّ ذكره في الكتب إلاّ على سبيل القدح فيه. وقال الدارقطني: متروك. وقال عبدالغني بن سعيد الحافظ: أكثر رواة هذا الحديث مجهولون وضعفاء.
وأمّا الطريق الثاني: ففيه مطر بن ميمون؛ قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث. وفيه جعفر وقد تكلّموا فيه.
وأمّا الطريق الثالث: ففيه خالد بن عبيد؛ قال ابن حبّان: يروي عن أنس نسخة موضوعة، لا يحلّ كتب حديثه إلاّ على جهة التعجّب.
وأمّا الطريق الرابع: فإنّ فيه قيس بن ميناء؛ من كبار الشيعة ولا يتابع على هذا الحديث. وفي الميزان: قيس بن ميناء، عن سلمان الفارسي بحديث: علي وصيي، وهو كذّاب. انظر: رياض الجنّة: 157 ـ 158.
5 ـ أمّا حديث أنس: «أوّل من يدخل عليك هذا الباب إمام المتّقين… الحديث» رواه أبو نعيم في الحلية، وقال في الميزان: هذا الحديث موضوع، وقد روى هذا الحديث جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي، أحد علماء الشيعة.
قال الإمام مسلم في صحيحه: حدّثنا أبو غسّان محمّد بن عمرو الرازي، قال: سمعت جريراً يقول: لقيت جابر الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة.
وقال جرير بن عبدالحميد لثعلبة: لا تأتِ جابراً فإنّه كذّاب. وقال النسائي: متروك. وقال يحيى: لا يكتب حديثه ولا كرامة. وقال زائدة: هو كذّاب، يؤمن بالرجعة. وقال سفيان: كان يؤمن بالرجعة. وروى الحميدي عن سفيان: سمعت رجلاً سأل جابراً الجعفي عن قوله: (فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي)(45)قال: لم يجيء تأويلها. قال سفيان: كذب. قلت: وما أراد بهذا؟ قال: الرافضة تقول: إنّ عليّاً في السماء لا يخرج مع من يخرج من ولده حتّى ينادي مناد من السماء: اخرجوا مع فلان. يقول جابر: هذا تأويل هذه الآية، لا تروي عنه، كان يؤمن بالرجعة، كذب بل كانوا إخوة يوسف. وقال زائدة أيضاً: جابر الجعفي: رافضي يشتم أصحاب النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم. انظر: الميزان 1 : 379.
6 ـ أمّا حديث أبي أيوب: «يا فاطمة! أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ اطلّع إلى أهل الأرض فاختار منهم أباك نبيّاً، ثمّ اطلّع الثانية فاختار بعلك.. الحديث» فهو حديث ضعيف بسبب عباية بن ربعي؛ فهو شيعي غال. هامش مسند الإمام أحمد 5 : 31.
قال الذهبي في ترجمة عباية بن ربعي من الميزان قال: عباية بن ربعي عن علي، وعنه موسى بن طريف، كلاهما من غلاة الشيعة. له عن علي: أنا قسيم النار. الميزان 3 : 387.
أرأيت ـ أخي المسلم ـ إلى هذه الآثار التي ساقها الموسوي وعدّها أحاديث متواترة، وهي بين موضوع وضعيف بيّن الضعف، كما حكم عليها أهل العلم بالحديث. فتنبّه لهذا أخي المسلم فهذا هو مذهب الموسوي فلا تعجب.
ثمّ إنّ الموسوي أعظم على اللّه الفرية يوم أن اتّهم قوماً من الصحابة بالنفاق والحسد، وساق كلاماً لم يذكره أحد من أهل العلم في كتاب، حيث قال عن هؤلاء: «وبعثوا نساءهم إلى سيّدة نساء العالمين ينفّرنها فكان ممّا قلن لها: إنّه فقير ليس له شيء… إلى آخر هذه الفرية».
ولا شكّ أنّه كان يقصد من وراء هذه الفرية أن يلصق تهمة النفاق والحسد بالشيخين أبي بكر وعمر، اللذين تقدّما لخطبة فاطمة رضي اللّه عنها، قبل أن يخطبها علي رضي اللّه عنه عنه لنفسه، بدليل أنّه ساق في التعليق الروايات التي تثبت هذه القضية.
والجواب على هذا الاتّهام:
أوّلاً: ليس غريباً على الموسوي أن يقذف الشيخين بالكفر والنفاق، وأن يكرّر هذا في كلّ مناسبة، فهذه عقيدة الرافضة في أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم.
ثانياً: أنّ رواية زواج فاطمة من علي التي ساقها الموسوي، قد أشار الذهبي في ترجمة محمّد بن دينار من الميزان أنّها كذب، فقال: أتى بحديث كذب، ولا يُدرى من هو. وبذلك تكون الرواية ضعيفة لجهالة محمّد بن دينار من الميزان أنّها كذب، فقال: أتى بحديث كذب، ولا يُدرى من هو. وبذلك تكون الرواية ضعيفة لجهالة محمّد بن دينار وكذبه.
ثالثاً: على فرض صحّتها. فليس فيها ما يدلّ على النفاق والحسد إذا علمنا أنّ الروايات متّفقة على تقدّم أبي بكر وعمر لخطبة فاطمة قبل أن يخطبها عليّ لنفسه، ولو كان الأمر بعكس هذا لأمكن أن يكون لكلام الموسوي وجه من الصحّة.
ثمّ إنّ الروايات متّفقة على حثّ أبي بكر وعمر لعليّ رضي اللّه عنه أن يخطبها لنفسه بعد أن لم يجبهما النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم على خطبتهما لفاطمة رضي اللّه عنها، وفعلهما هذا ينفي عنهما ما اتّهمهما به الموسوي من النفاق والحسد نفياً قاطعاً، بل يثبت محبّتهما لعليّ رضي اللّه عنه وأنّهما يحبّان له ما يحبّانه لنفسيهما. فتأمّل هذا.
فعن أنس كما عند ابن أبي حاتم ولأحمد نحوه، قال: جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فسكت، ولم يرجع إليهما شيئاً، فانطلقا إلى عليّ رضي اللّه عنه يأمرانه بطلب ذلك، قال علي: فنبّهاني لأمر فقمت أجرّ ردائي حتّى أتيت إلى النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فقلت: تزوّجني فاطمة؟ قال: وعندك شيء؟ قلت: فرسي، وبُدْني. فقال: أمّا فرسك فلابدّ لك منها، وأمّا بُدْنُك فبعها. فبعتها بأربعمائة وثمانين فجئته بها فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة فقال: أي بلال ابتع لنا بها طيباً، وأمرهم أن يجهّزوها.. إلى آخر الرواية.
رابعاً: أنّ ما رواه من أنّهم أرسلوا نساءهم إلى فاطمة لينفّروها من الزواج من عليّ ـ محض كذب وافتراء ـ لم يأت في شيء من المصنّفات أو الكتب المعتبرة عند أهل العلم.
والرواية التي ساقها الموسوي وأخرجها الخطيب في المتّفق بسنده إلى ابن عبّاس: «أما ترضين أنّ اللّه اختار من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك، والآخر بعلك» قال الذهبي في تلخيصه: بل موضوع على سريج بن يونس.
وساق رواية أبي الصلت عبدالسلام بن صالح، ثنا عبدالرزّاق، ثنا معمر، عن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قالت فاطمة: زوّجتني من عائل لا مال له. فذكر نحوه. قال الذهبي: والآخر كذب. المستدرك 3 : 129.
أضف إلى هذا فإنّ مجرّد العزو إلى الخطيب مشعر بضعف الرواية، كما ذكر ذلك في مقدّمة المنتخب. انظر ما هو على هامش مسند الإمام أحمد 1 : 9.
أمّا رواية معقل بن يسار: أنّ النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم عاد فاطمة في مرض أصابها على عهده، فقال لها: كيف تجدينك؟ قالت: واللّه لقد اشتدّ حزني، وأشتدّت فاقتي، وطال سقمي» إلى هذا الحد من الحديث هي رواية ضعيفة بسبب خالد بن طهمان، فقد ضعّفه ابن معين، وقال أبو حاتم: من عتق الشيعة.
وعلى فَرْضِ صحّته فليس هذا هو موطن الشاهد في الحديث، والشاهد هو الزيادة التي زادها الموسوي في الحديث: وهي قوله: قال: «أوَ ما ترضين أنّي زوّجْتُكِ أقدم أُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً» وهذه الزيادة ليست من الحديث، وإنّما هي من رواية عبداللّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه وجادة، كما هو مصرّح به في مسند الإمام أحمد 5 : 26. قال أبو عبدالرحمن: وجدت فى كتاب أبي بخطّ يده في هذا الحديث قال: أو ما ترضين… الحديث.
ولو سلّمنا بهذه الزيادة، فليس فيها ما يزيد على فضل عليّ رضي اللّه عنه، ولا دليل فيها على أولوية عليّ بالخلافة والإمامة. فتأمّل هذا.
1 ـ أين هي وصيّة النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم؟ وهل ثبتت حتّى تجحد؟ إنّ من أمعن النظر في الأحاديث التي ساقها هذا الرافضي في هذه المراجعة يجدها أحاديث مكرّرة سبق ذكرها في مراجعات سابقة، ونحن بدورنا قد بيّنا كلام أهل العلم بالحديث في هذه الأحاديث، فلا نرى حاجة هنا في إعادة الكلام مرّة ثانية، فمن أراد معرفة ذلك فليرجع إلى ردودنا السابقة.
وخلاصة القول في هذه الأحاديث أنّها أحاديث هالكة، لا تعدو أن تكون ضعيفة بيّنة الضعف، أو موضوعة مكذوبة. وما صحّ منها فليس فيه دلالة على مدّعى الموسوي، وإنّما هي أحاديث تدلّ على فضائل عليّ رضي اللّه عنه ليس إلاّ، وعند أهل السُنّة ما هو أقوى منها وأصحّ في فضل هذا الصحابي الجليل، وفي فضل أهل البيت والعترة الطاهرة.
2 ـ وقول الموسوي: أمّا أهل المذاهب الأربعة فإنّما أنكرها منهم المنكرون، لظنّهم أنّها لا تجتمع مع خلافة الأئمّة الثلاثة. فقد أراد بهذا القول أن يبيّن السبب الذي حمل أهل السُنّة والجماعة على إنكار أحاديث الوصيّة، ثمّ صرح بالسبب فقال: «لظنّهم أنّها لا تجتمع مع خلافة الأئمّة الثلاثة».
فالجواب على هذا القول: بأنّ أهل السُنّة والجماعة يعتقدون أنّ أحاديث الوصيّة بواطيل من أباطيل وأكاذيب الرافضة، ولم يصحّ منها حديث، كما سبق بيانه، ولهذا لم يأخذوا بها، ولو صحّ منها شيء لما أنكروه بدعوى معارضتها لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان.
إنّ أهل السُنّة والجماعة لا يردّون النصوص تعصبّاً للرجال، كما تفعل الرافضة، وإنّما يتمسّكون بنصوص القرآن، والصحيح من أحاديث النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، ويضربون بآراء الرجال عرض الحائط عند تصادمها في ما يتمسّكون به.
ولا أدلّ على كذب هذه الأحاديث من ردّ الصحابة لها، ومن عدم تصريح عليّ بواحد منها سواء قبل خلافته أو بعدها.
قال القرطبي: كانت الشيعة قد وضعوا أحاديث في أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم أوصى بالخلافة لعليّ، فردّ عليهم جماعة من الصحابة ذلك، وكذا من بعدهم، فمن ذلك ما استدلّت به عائشة، ومن ذلك أنّ عليّاً لم يدّعِ ذلك لنفسه، ولا بعد أن ولي الخلافة، ولا ذكره أحد من الصحابة يوم السقيفة….
وهؤلاء ـ أي الشيعة ـ تنقّصوا عليّاً من حيث قصدوا تعظيمه، لأنّهم نسبوه ـ مع شجاعته العظمى وصلابته في الدين ـ إلى المداهنة والتقية والإعراض عن طلب حقّه مع قدرته على ذلك. انتهى. فتح الباري 5 : 361 ـ 362.
بل ثبت أنّه عليه الصلاة والسلام قد أوصى بأُمور في مرض موته الذي دام بضع عشرة يوماً، فوعاها الصحابة عنه ونقلوها لنا وليس فيها استخلاف لأحد، كما صرّحت بذلك السيدة عائشة، وغيرها من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم بما في ذلك عليّ رضي اللّه عنه.
وأخرج أحمد وابن ماجة عن ابن عبّاس في أثناء حديث فيه أمر النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم في مرضه أبا بكر أن يصلّي بالناس، قال في آخر الحديث: «مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ولم يوص».
وعن عمر رضي اللّه عنه: «مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ولم يستخلف».
وأخرج أحمد والبيهقي في «الدلائل» عن عليّ أنّه لمّا ظهر يوم الجمل قال: «يا أيّها الناس! إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئاً».
وفي المغازي لابن إسحاق عن عبيداللّه بن عتبة، قال: «لم يوص رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم عند موته إلاّ بثلاث: لكلّ من الداريين والرهاويين والأشعريين بحاد مائة وسق من خيبر، وأن لا يترك في جزيرة العرب دينان، وأن ينفذ بعث أُسامة».
وأخرج مسلم في حديث ابن عبّاس: «وأوصى بثلاث: أن تجيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزه».
وفي حديث ابن أبي أوفى: «أوصى بكتاب اللّه».
وفي حديث أنس عند النسائي وأحمد، وابن سعد واللفظ له: «كانت عامّة وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم». انتهى. فتح الباري 5 : 362.
ثمّ إنّ الموسوي ردّ حديث عبداللّه بن أبي أوفى الذي أخرجه البخاري بدافع التعصّب والهوى، ولمجرّد مخالفته لمذهبه، ولم يكتف بهذا حتّى اتّهم هذا الصحابي الجليل بالنفاق والمداهنة للسلطة؛ فقال: فإنّ هذا الحديث غير ثابت عندنا على أنّه من مقتضيات السياسة وسلطتها.
ثمّ عاد مرّة ثانية ليناقض نفسه بنفسه ليثبت صحّة هذه الرواية؛ فقال: أمّا ما رواه البخاري عن ابن أبي أوفى من أنّ النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم أوصى بكتاب اللّه فحقّ غير أنّه أبتر. فتأمّل هذا تجد تناقض الموسوي واضحاً.
وقد استدلّ الموسوي على صحّة الوصيّة بالعقل والوجدان
والجواب على هذا: إنّ الوصيّة حكم شرعي لا يثبت إلاّ بالنصّ الصحيح القطعي الدلالة، والعقل والوجدان لا يصلحان بقليل ولا كثير لإثبات الأحكام.

أقول:
لقد استدلّ أو استشهد السيّد رحمه اللّه ـ بعد الإشارة إلى تواتر نصوص الوصيّة عن أئمّة العترة الطاهرة ـ بأحاديث من كتب أهل السُنّة، وهذا بعض الكلام في تشييد كلامه وتبيين مرامه….
(فمنها): حديث الدّار يوم الإنذار.
وهو من أقوى أدلّة الوصيّة وإمامة سيّد العترة أمير المؤمنين عليه السلام، وقد أوضحنا سابقاً ثبوته سنداً ووجه الاستدلال به؛ فراجع المراجعة رقم 20 ولا نعيد..
(ومنها): حديث ابن بريدة عن أبيه.
وقد أخرجه الحافظ ابن عساكر، قال: «أخبرنا أبو عبداللّه الفراوي وأبو محمّد السيّدي وأبو القاسم الشحامي، قالوا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا عبدالوهّاب بن محمّد بن عبدالوهّاب الرازي، نا يوسف بن عاصم الرازي، نا محمّد بن حميد، نا علي بن مجاهد، عن محمّد بن إسحاق، عن شريك بن عبداللّه النخعي، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم قال: إنّ لكلّ نبيّ وصيّاً ووارثاً، وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي.
أخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنا أبو القاسم البغوي، نا محمّد بن حميد الرازي، نا علي بن مجاهد، نا محمّد بن إسحاق، عن شريك بن عبداللّه، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: «لكلّ نبي وصيّ ووارث وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي»(46).
وأخرجه الحافظ ابن عدي؛ إذ قال بترجمة شريك بن عبداللّه النخعي: «قد روى عنه من الأجلاّء: محمّد بن إسحاق صاحب المغازي و…» قال: «فأمّا حديث محمّد بن إسحاق، فحدّثنا محمّد بن منير، ثنا علي بن سهل، ثنا محمّد بن حميد، ثنا سلمة، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن شريك بن عبداللّه، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم قال: لكلّ نبيّ وصيٌّ ووارث، وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي»(47).
وأخرجه الحاكم النيسابوري في تاريخه كما في تنزيه الشريعة(48) وسنذكره بالإسناد من كتاب الموضوعات.
وأخرجه أبو القاسم البغوي، وقد عرفت إسناده من رواية ابن عساكر ورواه الحافظ محبّ الدين الطبري عن معجم الصحابة له(49).

أقول:
قد تكلّم في هذا الحديث؛ لأنّ فيه: «محمّد بن حُميد الرازي»، فمن هو هذا الرجل؟
قال المزّي: «روى عنه: أبو داود والترمذي وابن ماجة».
ثمّ ذكر في الرواة عنه: أحمد بن حنبل، ومحمّد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن معين، وعبداللّه بن محمّد بن عبدالعزيز البغوي، ومحمّد بن إسحاق الصاغاني، ومحمّد بن جرير الطبري، وعبداللّه بن أحمد بن حنبل…».
ثمّ ذكر كلمات المدح والذمّ(50).
وقال الخطيب البغدادي: «قدم بغداد وحدّث بها عن… روى عنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبداللّه بن أحمد، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، وأحمد بن علي الأبار، وعبداللّه بن محمّد البغوي، ومحمّد بن محمّد الباغندي، وغيرهم…» ثمّ ذكر كلمات المدح والذمّ له(51).
وقال ابن عدي: «محمّد بن حميد: أبو عبداللّه الرازي، حدّثني محمّد بن ثابت، سمعت بكر بن مقبل يقول: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: ثلاثة ليس لهم عندنا محاباة، فذكر فيهم محمّد بن حميد.
سمعت محمّد بن إبراهيم المنقري يقول: سمعت فضلك الصائغ يقول: قال أبو زرعة الرازي: سمعت أبا عبداللّه محمّد بن حميد وكان عندي ثقة. ذكره في قصّة.
حدّثنا الجنيدي، ثنا البخاري، قال: محمّد بن حميد الرازي عن يعقوب القمّي وجرير، فيه نظر.
سمعت ابن حمّاد يقول: قال السعدي: محمّد بن حميد الرازي كان رديء المذهب، غير ثقة.
ثنا القاسم بن زكريا، ثنا محمّد بن حميد، حدّثنا علي بن مجاهد وحكام وهارون، عن عنبسة، عن أبي هاشم الواسطي، عن ميمون بن سياه، عن أنس، عن النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم في قوله: (سدرة المنتهى)(52)، قال: شجرة نبق.
حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالعزيز بن الجعد، ثنا محمّد بن حميد، ثنا جرير، عن سليمان بن أرقم، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر: أنّه سمع النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم يقرأ: (ومن عنده علم الكتاب)(53)، وسمعته يقول: (بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أُوتوا العلم)(54).
ثنا إسماعيل بن حمّاد أبو النضر، ثنا محمّد بن حميد، حدّثنا هارون ابن المغيرة عن عنبسة بن سعيد، عن سالم الأفطس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: إنّ النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم قال: قوموا فصلّوا على أخيكم النجاشي. فصفّوا خلفه كما يصفّون على الجنازة، وكبّر عليه أربعاً.
قال الشيخ: وتكثر أحاديث ابن حميد التي أُنكرت عليه إن ذكرناها، على أنّ أحمد بن حنبل قد أثنى عليه خيراً، لصلابته في السُنّة»(55).
وإنّما ذكرت كلام ابن عدي بتمامه لأُمور:
الأوّل: إنّه قد أورد حديث الوصيّة بترجمة شريك، ولم يورده بترجمة محمّد بن حميد، مع أنّه قد أورد أحاديث أُخر.
والثاني: إنّه قد استشهد بحديث الوصيّة لرواية محمّد بن إسحاق عن شريك، ولم يذكر حديثاً آخر ـ بخلاف غير ابن إسحاق من الرواة عن شريك، فذكر أكثر من حديث ـ وذلك ظاهر في أنّ لا رواية له عنه غيرها، فلو كان حديث الوصيّة موضوعاً لَما استشهد به على كون شريك من مشايخ ابن إسحاق.
والثالث: إنّ ابن عدي لم يقدح في محمّد بن حميد، بل إنّ كلمته في آخر كلامه بترجمته ظاهرةٌ في المدح، غير أنّ في أحاديثه ما أُنكر عليه.

وبعد..
فإنّ ا لرجل قد تضاربت آراء العلماء فيه؛ ففي تهذيب الكمال: «قال أبو قريش محمّد بن جمعة بن خلف الحافظ: قلت لمحمّد بن يحيى الذهلي: ما تقول في محمّد بن حميد؟
قال: ألا تراني؟! هو ذا أُحدّث عنه.
قال: وكنت في مجلس أبي بكر الصاغاني محمّد بن إسحاق، فقال: حدّثنا محمّد بن حميد.
فقلت: تحدّث عن ابن حميد؟!
فقال: وما لي لا أُحدّث عنه، وقد حدّث عنه أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين؟!»..
وقال النسائي: ليس بثقة..
وقال البخاري: حديثه فيه نظر..
قال الجوزجاني: رديء المذهب، غير ثقة.
ولدى التحقيق يظهر: أنّ الموثّقين له أكثر وأكبر ممّن تكلّم فيه، لا سيّما وأنّ المنقول عن البخاري: «حديثه فيه نظر»، فليس النظر فيه نفسه، كما أنّ مفاد كلام الجوزجاني هو الطعن في مذهبه، لكنّ المنقول عن أحمد أنّه قد أثنى عليه خيراً «لصلابته في السُنّة»؛ فكيف الجمع بين هذا وكونه رديء المذهب؟!
بل لقد وقع التضارب بين رأي أحمد ورأي البخاري في حديثه؛ ففي الكامل عن البخاري: «محمّد بن حميد الرازي عن يعقوب القمّي وجرير، فيه نظر»، لكن في تاريخ بغداد عن أحمد: «أمّا حديثه عن ابن المبارك وجرير، فهو صحيح»..
وفي الكامل: «على أنّ أحمد بن حنبل قد أثنى عليه خيراً لصلابته في السُنّة»، لكن في الميزان: «قال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو أخذت الإسناد عن ابن حميد؛ فإنّ أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه؟ قال: إنّه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلاً».
بل لقد نسبت الآراء المتضاربة إلى الواحد منهم؛ ففي الكامل: «عن فضلك الصائغ، عن أبي زرعة، أنّه وثّق محمّد بن حميد»، لكن في الميزان: «كذّبه أبو زرعة»!!

وتلّخص:
1 ـ إنّ محمّد بن حميد الرازي من رجال ثلاثة من الصحاح الستّة….
2 ـ إنّه من مشايخ عدّة كبيرة من الأئمّة الأعلام الّذين لا تجوز نسبة الرواية عن الكذّابين إليهم، وإلاّ لتوّجه الطعن عليهم.
3 ـ إنّه قد وثقه غير واحد من الأئمّة المرجوع إليهم عندهم في الجرح والتعديل.
4 ـ إنّ كلمات القوم في الأكثر ترجع إنكار بعض أحاديث الرجل.
5 ـ نعم، قد طعن فيه الجوزجاني، لكنّه من مشاهير النّواصب(56)، وطعن فيه أيضاً ابن خراش، الّذي كذّب حديث «انّا معاشر الأنبياء…» وخرَّج مثالب أبي بكر وعمر(57).
6 ـ إنّ الرجل بريء من تلك الأحاديث التي أنكروها عليه؛ ولذا قال المزّي في تهذيب الكمال: «قال أبو بكر بن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن محمّد بن حميد الرازي؟
فقال: ثقة ليس به بأس، رازي كيّس.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن حميد ثقة، وهذه الأحاديث التي يحدّث بها ليس هو من قبله، إنّما هو من قبل الشيوخ الّذين يحدّث عنهم».
وحديث الوصيّة ليس منها؛ لأنّه قد ذكر ـ في الكامل وتبعه في الميزان ـ بترجمة «شريك القاضي» وهو من شيوخه الثقات، وهنا تحيّر الذهبي، فكذّب بالحديث زوراً وبهتاناً، ثمّ قال: «ولا يحتمله شريك».

قلت:
ولماذا لا يحتمله شريك، وقد رويتم عنه بالأسانيد أنّه روى عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، قال: «عليّ خير البشر، فمَن أبى فقد كفر»؟!
قال ابن عدي: «وقول شريك رواه رجل من أهل الكوفة يقال له: الحرّ بن سعيد، وقد رواه عن الحرّ غير واحد. وروى عنه أحمد بن يحيى الصوفي وقال: ثنا الحرّ بن سعيد النخعي ـ وكان من خيار الناس ـ»(58).
فظهر: أنّه ليس الراوي عنه بعض الكذّابين، كما زعم الذهبي ذلك زوراً وبهتاناً(59).

تتمّة:
إنّ لحديث بريدة طرقاً عديدة، كما عرفت، ومنها طريق الحاكم ـ وليس فيه محمّد بن حميد ـ وقد أخرجه ابن الجوزي؛ إذ قال:
«أنبأنا زاهر بن طاهر، قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي، قال: أنبأنا الحاكم أبو عبداللّه النيسابوري، قال: أنبأنا محمود بن محمّد أبو محمّد المطوعي، قال: حدّثنا أبو حفص محمّد بن أحمد بن رازبه، قال: حدّثنا أبو عبدالرحمن أحمد بن عبداللّه الفرياناني، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، عن شريك بن عبداللّه، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: «إنّ لكلّ نبي وصيّاً ووارثاً، وإنّ وصيّي ووارثي عليّ بن أبي طالب».
قال ابن الجوزي: «الفرياناني؛ قال ابن حبّان: كان يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم..
وفيه: سلمة؛ قال ابن المديني: رمينا حديث سلمة بن الفضل»(60).
أمّا صاحب تنزيه الشريعة فلم يقل إلاّ: «حديث: لكلّ نبيّ وصيّ وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي (حا) من طريق أحمد بن عبداللّه الغرياناني»(61).

* * *

(1) هذا الحديث أورده الذهبي في أحوال شريك من ميزان الاعتدال، وكذّب به، وزعم أن شريكاً لا يحتمله، وقال: إنّ محمّد بن حميد الرازي ليس بثقة.
والجواب: إنّ الإمام أحمد بن حنبل، والإمام أبا القاسم البغوي، والإمام ابن جرير الطبري، وإمام الجرح والتعديل ابن معين، وغيرهم من طبقتهم، وثّقوا محمّد بن حميد ورووا عنه، فهو شيخهم ومعتمدهم، كما يعترف به الذهبي في ترجمة محمّد بن حميد من الميزان، والرجل ممّن لم يُتّهم بالرفض ولا بالتشيّع، وإنّما هو من سلف الذهبي، فلا وجه لتهمته في هذا الحديث.
(2) هذا الحديث بلفظه وسنده هو الحديث 32952 من أحاديث كنز العمّال في آخر ص 610 ج 11، وأورده في منتخب الكنز، فراجع من المنتخب ما هو مطبوع في هامش ص 32 ج 5 من مسند أحمد.
(3) كما في ص 169 ج 9 من شرح النهج، وقد أوردناه في المراجعة 48.
(4) هذا الحديث بلفظه وسنده هو الحديث 32923 من أحاديث كنز العمّال في ص 604 ج 11، وأورده في المنتخب أيضاً، فراجع من المنتخب ما هو مطبوع في هامش ص 31 ج 5 من مسند أحمد.
(5) سورة الأحزاب 33 : 36.
(6) أخرج ابن أبي حاتم عن أنس، قال: جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى النبيّ، فسكت ولم يرجع إليهما شيئاً، فانطلقا إلى عليّ ينبّهانه إلى ذلك. الحديث.
وقد نقله عن ابن أبي حاتم كثير من الأثبات، كابن حجر في أوائل باب 11 من صواعقه، ونقل ثمّة عن أحمد بالإسناد إلى أنس نحوه.
وأخرج أبو داود السجستاني ـ كما في الآية 12 من الآيات التي أوردها ابن حجر في الباب 11 من صواعقه ـ إنّ أبابكر خطبها، فأعرض عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ثمّ عمر فأعرض عنه، فنبّهاه إلى خطبتها. الحديث.
وعن علي، قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول اللّه، فأبى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عليهما، قال عمر: أنت لها يا علي. الحديث..
أخرجه ابن جرير، وصحّحه وأخرجه الدولابي في الذرّيّة الطاهرة، وهو الحديث 36370 من أحاديث كنز العمّال ص 114 ج 13.
(7) هذا الحديث بلفظه وسنده هو الحديث 36355 من أحاديث الكنز، أورده في فضائل عليّ ص 108 ج 13، وصرّح بحسن سنده.
(8) وهذا الحديث بلفظه وسنده هو الحديث 32925 من أحاديث كنز العمّال ص 605 ج 11، نقله عن الحاكم بالإسناد إلى كلّ من ابن عبّاس وأبي هريرة، ونقله عن الطبراني وعن الخطيب بالإسناد إلى ابن عبّاس فقط.
أمّا في منتخب الكنز فقد نقله عن الخطيب في المتّفق بالإسناد إلى ابن عبّاس، فراجع من المنتخب ما هو في السطر الأوّل في هامش ص 39 ج 5 من مسند أحمد، ونقله علاّمة المعتزلة في ص 174 ج 9 من شرح النهج عن مسند الإمام أحمد.
(9) المراجعات: 199 ـ 202.
(10) قف على المراجعة 66، تعلم أنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أورثه ذلك.
(11) أخرج ابن سعد ص 278 ج 2 من طبقاته عن عليّ، قال: أوصى النبيّ أن لا يغسّله أحد غيري.
وأخرج أبو الشيخ وابن النجّار ـ كما في ص 249 ج 7 من كنز العمّال ـ عن عليّ، قال: أوصاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و[آله] وسلّم، فقال: إذا أنا متّ فغسّلني بسبع قرب.
وأخرج ابن سعد عند ذكر غسل النبيّ ص 281 ج 2 من طبقاته، عن عبدالواحد بن أبي عوانة، قال: قال رسول اللّه في مرضه الذي توفّي فيه: يا علي! اغسلني إذا متّ.
قال: قال علي: فغسّلته، فما آخذ عضواً إلاّ تبعني.
وأخرج الحاكم ص 59 ج 3 من المستدرك، والذهبي في تلخيصه وصحّحاه، بالإسناد إلى عليّ، قال: غسّلت رسول اللّه، فجعلت أنظر ما يكون من الميت، فلم أرَ شيئاً، وكان طيّباً حيّاً وميّتاً..
وهذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور في سُننه، والمروزي في جنائزه، وأبو داود في مراسيله، وابن منيع، وابن أبي شيبة في السُنن، وهو الحديث 18783 فى ص 249 ج 7 من الكنز.
وأخرج البيهقي في سُننه عن عبداللّه بن الحارث: إنّ عليّاً غسّل النبيّ، وعلى النبيّ قميص.. الحديث. وهو الحديث 18787 في ص 252 ج 7 من الكنز.
وعن ابن عبّاس، قال: إنّ لعليّ أربع خصال ليست لأحد غيره، وهو أوّل من صلّى مع رسول اللّه، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف، وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه غيره، وهو الذي غسّله وأدخله قبره.
أخرجه ابن عبدالبر في ترجمة علي من الاستيعاب، والحاكم في ص 111 ج 3 من المستدرك.
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه: يا علي! أنت تغسّلني وتؤدّي ديني، وتواريني في حفرتي.
أخرجه الديلمي. وهو الحديث 32965 في ص 612 ج 11 من الكنز.
وعن عمر، من حديث قال فيه رسول اللّه لعلي: وأنت غاسلي ودافني.. الحديث.
في ص 117 ج 13 من الكنز، وفي هامش ص 45 ج 5 من مسند أحمد
وعن علي: سمعت رسول اللّه، يقول أُعطيت في علي خمساً لم يعطها نبيّ في أحد قبلي، أمّا الأُولى فإنّه يقضي ديني، ويواريني.. الحديث.
في أوّل ص 254 ج 7 من الكنز.
ولما وضع على السرير وأرادوا الصلاة عليه صلّى اللّه عليه و[آله] وسلّم، قال عليّ: لا يؤم على رسول اللّه أحد، هو إمامكم حيّاً وميّتاً.
فكان الناس يدخلون رسلاً رسلاً، فيصلّون صفّاً صفّاً، ليس لهم إمام ويكبّرون، وعليّ قائم حيال رسول اللّه يقول: سلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، اللّهمّ إنّا نشهد أن قد بلّغ ما أنزلت إليه، ونصح لأُمّته، وجاهد في سبيل اللّه، حتّى أعزّ اللّه عزّ وجلّ دينه، وتمّت كلمته، اللّهمّ فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل اللّه إليه، وثبّتنا بعده، واجمع بيننا وبينه. فيقول الناس: آمين آمين. حتّى صلّى اللّه عليه الرجال ثمّ النساء ثمّ الصبيان..
روى هذا كلّه باللّفظ الذي أوردناه: ابن سعد 2 : 291، عند ذكره غسل النبيّ من طبقاته.
وأوّل مَن دخل على رسول اللّه يومئذ: بنو هاشم، ثمّ المهاجرون، ثمّ الأنصار، ثمّ الناس….
وأوّل مَن صلّى عليه: عليّ والعبّاس؛ وقفا صفّاً، وكبّرا عليه خمساً.
(12) الأخبار في هذا كلّه متواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسبك ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عمر، وأبو يعلى في مسنده عن عليّ، واللفظ للأوّل من حديث قال فيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و[آله] وسلّم: يا عليّ! أنت أخي ووزيري، تقضي ديني، وتنجز موعدي وتبرئ ذمّتي.. الحديث..
تجده في ص 610 ج 11 من كنز العمّال مسنداً إلى ابن عمر، وفي ص 159 ج 13 أيضاً مسنداً إلى عليّ؛ ونقل ثمّة عن البوصيري أنّ رواته ثقات.
وأخرج ابن مردويه والديلمي ـ كما في ص 611 ج 11 من الكنز ـ عن سلمان الفارسي: قال رسول اللّه: عليّ بن أبي طالب ينجز عدتي، ويقضي ديني..
وأخرج البزّار ـ كما في ص 604 ج 11 من الكنز ـ عن أنس نحوه.
وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في ص 170 ج 5 من مسنده عن حبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول اللّه يقول: لا يقضي ديني إلاّ أنا أو علي.
وأخرج ابن مردويه ـ كما في ص 150 ج 13 من الكنز ـ عن عليّ، قال: لمّا نزلت: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و[آله] وسلّم: علي يقضي ديني، وينجز بوعدي.
وعن سعد، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و[آله] وسلّم يوم الجحفة، فأخذ بيد عليّ وخطب فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس! إنّي وليّكم، قالوا: صدقت يا رسول اللّه، ثمّ رفع يد عليّ فقال: هذا وليي ويؤدّي عنّي ديني.. الحديث. وقد سمعته في أواخر المراجعة 54.
وأخرج عبدالرزاق في جامعه عن معمر، عن قتادة: إنّ عليّاً قضى عن النبيّ أشياء بعد وفاته كان عامّتها عدّة حسبت أنّه قال: خمسمائة ألف درهم، فقيل لعبدالرزّاق: وأوصى إليه النبيّ بذلك؟ قال: نعم، لا أشكّ أنّ النبيّ أوصى إلى عليّ، ولولا ذلك ما تركوه يقضي دينه.. الحديث.
أورده صاحب الكنز في ص 273 ج 7 فكان الحديث 18853.
(13) تضافرت النصوص الصريحة بأنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عهد إلى عليّ بأن يبيّن لأُمّته ما اختلفوا فيه من بعده، وحسبك منها الحديث 11، والحديث 12 من المراجعة 48، وغيرهما ممّا أسلفناه وممّا تركناه لشهرته.
(14) يعلم ذلك من المراجعة 36 والمراجعة 40 والمراجعة 54 والمراجعة 56.
(15) المؤاخاة بين النبيّ والوصيّ متواترة، وحسبك في ثبوتها ما قد أوردناه في المراجعة 32 والمراجعة 34.
(16) كونه أبا ولده معلوم بالوجدان، وقد قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعليّ: أنت أخي، وأبو ولدي، تقاتل في كنز: عن سُنّتي، الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده، كما في ص 159 ج 13 من كنز العمّال، ورواته ثقات كما صرّح به البوصيري.
وأخرجه أيضاً أحمد في المناقب كما في أواخر الفصل 2 من الباب 9 ص 195 من الصواعق المحرقة لابن حجر.
وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: إنّ اللّه جعل ذرّيّة كلّ نبيّ في صلبه، وجعل ذرّيّتي في صلب عليّ، أخرجه الطبراني في الكبير عن جابر، والخطيب في تاريخه عن ابن عبّاس، وهو الحديث 32892 في ص 600 ج 11 من الكنز.
وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: كلّ بني أُنثى ينتمون إلى عصبتهم، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليّهم، وأنا عصبتهم، وأنا أبو هم، أخرجه الطبراني عن الزهراء، وهو الحديث 22 من الأحاديث التي نقلها ابن حجر في الفصل 2 من الباب 11 من صواعقه ص 284، وأخرجه الطبراني عن ابن عمر كما في الصفحة المذكورة، وأخرج الحاكم نحوه في ص 164 ج 3 من المستدرك عن جابر، ثمّ قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال: صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ من حديث أخرجه الحاكم في المستدرك، والذهبي في تلخيصه وصحّحاه على شرط الشيخين ـ: وأمّا أنت يا علي فأخي، وأبو ولدي، ومنّي، وإليّ. إلى كثير من هذه النصوص الصريحة.
(17) حسبك من النصوص في وزارته، قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، كما أوضحناه في المراجعة 26 وغيرها، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حديث الإنذار يوم الدار: فأيّكم يؤازرني على أمري هذا؟ فقال عليّ: أنا يا رسول اللّه، أكون وزيرك عليه، الحديث، وقد سمعته في المراجعة 20، وللّه درّ الإمام البوصيري إذ يقول في همزيّته العصماء:
ووزير ابن عمّه في المعالي *** ومن الأهل تسعد الوزراء
لم يزده كشف الغطاء يقيناً *** بل هو الشمس ما عليه غطاء
(18) أجمعت الأُمّة على أنّ في كتاب اللّه آية ما عمل بها سوى عليّ، ولا يعمل بها أحد من بعده إلى يوم القيامة، ألا وهي آية النجوى في سورة المجادلة، تصافق على هذا أولياؤه وأعداؤه، وأخرجوا في هذا نصوصاً صحّحوها على شرط الشيخين، يعرفها برّ الأُمّة وفاجرها، وحسبك منها ما أخرجه الحاكم في ص 482 ج 2 من المستدرك والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه، وعليك بتفسير الآية من تفاسير: الثعلبي، والطبري، والسيوطي، والزمخشري، والرازي، وغيرهم، وستسمع في المراجعة 74 حديثَي أُمّ سلمة وعبداللّه بن عمر في مناجاة النبيّ وعليّ، عند وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وتقف ثمّة على تناجيهما يوم الطائف، وقول رسول اللّه يومئذ: ما أنا انتجيته، ولكن اللّه انتجاه، وعلى تناجيهما في بعض أيام عائشة؛ فتأمّل.
(19) حسبك نصّاً في أنّه وليّه قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حديث ابن عبّاس ـ وقد مرّ عليك في المراجعة 26 ـ: أنت وليي في الدنيا والآخرة، على أنّ هذا ثابت بالضرورة من دين الإسلام، فلا حاجة إلى الاستقصاء..
وحسبك من نصوص الوصيّة ما قد سمعته في المراجعة 68.
(20) راجع الحديث 9، من المراجعة 48، وما علّقناه عليه.
(21) راجع الحديث 10 من المراجعة 48.
(22) راجع الحديث 14 من المراجعة 48.
(23) كما تحكم به السُنن التي أوردناها في المراجعة 8.
(24) بحكم الحديث 16 من المراجعة 48 وغيره.
(25) بحكم الحديث 17 من المراجعة 48 وغيره.
(26) أخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة في ص 187 ج 3 من مسنده: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نظر إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: أنا حرب لمن حاربكم، وسِلم لمن سالمكم. انتهى.
وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم جلّلهم بالكساء من حديث صحيح: أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدوّ لمن عاداهم. نقله ابن حجر في تفسير الآية الأُولى من آيات فضلهم التي أوردها في الفصل الأوّل من الباب 11 من صواعقه، وقد استفاض قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: حرب عليّ حربي، وسِلمه سلمي.
(27) راجع الحديث 20 من المراجعة 48، على أنّ قوله المتواتر: اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، كاف والحمد للّه، وقد سمعت في المراجعة 36 قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حديث بريدة: من أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومن فارق عليّاً فقد فارقني، وقد تواتر أنّه لا يحبّه إلاّ مؤمن، ولا يبغضه إلاّ منافق، إنّه واللّه لعهد النبيّ الأُمّي.
(28) بحكم الحديث 19 والحديث 20 والحديث 21 من المراجعة 48 وغيرها.
(29) بحكم الحديث 23 من تلك المراجعة؛ وحسبك: اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ مَن عاداه.
(30) حسبك قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حديث عمرو بن شاس: من آذى عليّاً فقد آذاني. أخرجه أحمد في ص 534 ج 4 من مسنده، والحاكم في ص 122 ج 3 من المستدرك، والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه معترفاً بصحّته، وأخرجه البخاري في تاريخه، وابن سعد في طبقاته، وابن أبي شيبة في مسنده، والطبراني في الكبير، وهو موجودة في ص 142 ج 13 من الكنز.
(31) بحكم الحديث 18 من المراجعة 48 وغيره.
(32) بحكم الحديث الأوّل من تلك المراجعة وغيره.
(33) راجع الحديث 2 و 3 و 4 و 5 من المراجعة 48.
(34) راجع الحديث 6 من تلك المراجعة.
(35) بحكم الحديث 7 من تلك المراجعة وغيره.
(36) حسبك في ذلك ما سمعته في المراجعة 8 من صحاح الثقلين؛ فإنّها توضّح الحقّ لذي عينين، وقد مرّ عليك في المراجعة 50 أنّ: عليّاً مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان.
(37) كما توضّحه المراجعة 26 والمراجعة 28 والمراجعة 30 والمراجعة 32 والمراجعة 34.
(38) بحكم الحديث 13 من المراجعة 48 وغيره.
(39) بحكم الحديث الذي أوردناه في المراجعة 50؛ فراجعه وما قد علّقناه عليه.
(40) بحكم آية المباهلة وحديث ابن عوف، وقد أوردناه في المراجعة 50.
(41) كما هو صريح السُنن التي أوردناها في المراجعة 68.
(42) راجع الحديث 15 من المراجعة 48، وراجع ما علّقناه عليه.
(43) العقل بمجرّده يحيل على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يأمر بالوصيّة ويضيّق فيها على أُمّته، ثمّ يتركها في حال أنّه أحوج إليها منهم؛ لأنّ له من التركة المحتاجة إلى القيّم، ومن اليتامى المضطرّين إلى الولي، ما ليس لأحد من العالمين..
وحاشا للّه أن يهمل تركته الثمينة، وهي شرائع اللّه وأحكامه!!
ومعاذ اللّه أن يترك يتاماه وأياماه ـ وهم أهل الأرض في الطول والعرض ـ يتخبّطون في عشوائهم، ويسرحون ويمرحون على مقتضى أهوائهم بدون قيّم تتمّ للّه به الحجّة عليهم!!
على أنّ الوجدان يحكم بالوصيّة إلى عليّ؛ حيث وجدنا النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، قد عهد إليه بأن يغسّله ويحنّطه ويجهزّه ويدفنه ويفي دينه ويبرئ ذمّته، ويبيّن للناس ما اختلفوا فيه من بعده، وعهد إلى الناس بأنّه وليّهم من بعده وأنّه… إلى آخر ما أشرنا إليه في أوّل هذه المراجعة.
(44) المراجعات: 202 ـ 209.
(45) سورة يوسف 12 : 80.
(46) تاريخ مدينة دمشق 42 : 391 ـ 392.
(47) الكامل في ضعفاء الرجال 5 : 21.
(48) تنزيه الشريعة المرفوعة 1 : 356.
(49) الرياض النضرة في مناقب العشرة 3 : 138.
(50) تهذيب الكمال 25 : 99.
(51) تاريخ بغداد 2 : 259.
(52) سورة النجم 53 : 14.
(53) سورة الرعد 13 : 43.
(54) سورة الرعد 13 : 43.
(55) الكامل في الضعفاء 7 : 529 ـ 530.
(56) تذكرة الحفّاظ، 2 : 459، تهذيب التهذيب 1 : 159.
(57) سير أعلام النبلاء 13 : 509.
(58) الكامل في ضعفاء الرجال 5 : 14 ـ 15.
(59) ميزان الاعتدال 2 : 271 ـ 272.
(60) كتاب الموضوعات 1 : 376.
(61) تنزيه الشريعة المرفوعة 1 : 356. و«الغرياناني» غلط مطبعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *