قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه…)

قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه…)(1)

قال السيّد:
«وفي جميل بلائهم وجليل عنائهم قال اللّه تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه واللّه رؤوف بالعباد) وقال: (إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقّاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من اللّه فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود اللّه وبشّر المؤمنين)».

قال في الهامش:
«أخرج الحاكم في الصفحة 4 من الجزء 3 من المستدرك عن ابن عبّاس، قال: شرى عليُّ نفسه ولبس ثوب النبيّ… الحديث؛ وقد صرّح الحاكم بصحّته على شرط الشيخين وإنْ لم يخرجاه، واعترف بذلك الذهبي في تلخيص المستدرك.
وأخرج الحاكم في الصفحة المذكورة أيضاً عن عليّ بن الحسين، قال: إنّ أوّل من شرى نفسه ابتغاء رضوان اللّه عليّ بن أبي طالب، إذ بات على فراش رسول اللّه. ثمّ نقل أبياتاً لعليّ أوّلها:
وقيتُ بنفسي خيرَ من وطئ الحصا *** ومن طافَ بالبيت العتيق وبالحجر»(2)

فقيل:
«هذه الآية من سورة البقرة، وهي مدنيّة بالاتّفاق. وقيل: نزلت لمّا هاجر صهيب وطلبه المشركون، فأعطاهم ماله وأتى المدينة، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: ربح البيع أبا يحيى.
على إنّ عليّاً رضي اللّه عنه ممّن شروا أنفسهم ابتغاء مرضاة اللّه، ليس في ذلك شكّ».

أقول:
إنّه لا مناص للمتعصّبين من القوم من الالتزام بصحّة ما وافق الذهبيُّ الحاكم النيسابوري في تصحيحه؛ لأنّ ما يصحّحه الذهبي ـ على شدّة تعصّبه ـ لا يمكنهم التكلّم فيه أبداً!
فإلى هذه الآية ونزولها في هذه القضيّة أشار ابن عبّاس في قوله في حديث المناقب العشر، التي اختصّ بها أمير المؤمنين عليه السلام: «وشرى عليُّ نفسه، لبس ثوب النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ونام مكانه…»(3).
هذا، ولا ينافي ذلك كون سورة البقرة مدنيّة.
ودلالة الآية المباركة بضميمة الحديث الصحيح على أفضلية الإمام عليه السلام واضحة، والأفضل هو الإمام بالاتّفاق.

* * *

(1) سورة البقرة 2 : 207.
(2) المراجعات: 35.
(3) هذا الحديث من أصحّ الأحاديث وأثبتها كما نصّ عليه كبار الحفّاظ، كابن عبدالبرّ في الاستيعاب، والمزّي في تهذيب الكمال، وأخرجه أبو داود الطيالسي والنسائي وأحمد وكبار الأئمة الأعلام… ولنا فيه رسالة مستقلة مطبوعة في ملحقات كتابنا الكبير نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء: 18.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *