حديث السؤال عن أربع

حديث السؤال عن أربع:
وهذا الحديث من أهمّ الأحاديث وأصحّها؛ قال الحافظ الهيثمي:
«وعن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع: عن عمره فيمَ أفناه، وعن جسده فيمَ أبلاه، وعن ماله فيمَ أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن حبّنا أهل البيت.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه: حسين بن الحسن الأشقر، وهو ضعيف جدّاً، وقد وثّقه ابن حبّان مع أنّه يشتم السلف.
وعن أبي برزة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: لا تزول قدما عبد حتّى يسأل عن أربعة: عن جسده فيمَ أبلاه، وعمره فيمَ أفناه، وماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت. قيل: يا رسول اللّه! فما علامة حبّكم؟ فضرب بيده على منكب عليّ رضي اللّه عنه.
رواه الطبراني في الأوسط»(1).

أقول:
أوّلاً: لم يتكلّم في سند الحديث الثاني، مع أنّه تكلّم في الأوّل.
وثانياً: السائل: «يا رسول اللّه! فما علامة حبّكم؟» هو: «عمر ابن الخطّاب»، وقد جاء هنا: «قيل».
وثالثاً: في ذيله: «وآية حبّي حبّ هذا من بعدي»؛ ولم يذكره.
ورابعاً: كلامه في «حسين الأشقر» مردود، وقد أوضحنا وثاقة هذا الرجل في بحوثنا السابقة(2).
و«عن أبي الطفيل، عن أبي ذرّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن علمه ما عمل به، وعن ماله ممّا اكتسبه، وفيمَ أنفقه، وعن حبّ أهل البيت. فقيل: يا رسول اللّه! ومن هم؟ فأومأ بيده إلى عليّ بن أبي طالب».

أقول:
أخرجه ابن عساكر؛ «عن مشايخه، عن الباغندي، عن يعقوب بن إسحاق الطوسي، عن الحارث بن محمّد المكفوف، عن أبي بكر بن عيّاش، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي الطفيل، عن أبي ذرّ»(3).
ولا مساغ للطعن في هذا الحديث سنداً.
نعم، هو من حيث المتن والدلالة ممّا لا تحتمله نفوس القوم، ولذا تراهم يصفونه بالبطلان، من غير جرح لأحد من رواته!!
فقد عنون الذهبي في ميزانه «الحارث بن محمّد المعكوف(4)» ولم يجرحه بشيء، إلاّ أنّه قال ما نصّه: «أتى بخبر باطل؛ حدّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي الطفيل، عن أبي ذرّ مرفوعاً: لا تزول قدما عبد حتّى يسأل عن حبّنا أهل البيت؛ وأومأ إلى عليّ. رواه أبو بكر ابن الباغندي، عن يعقوب بن إسحاق الطوسي، عنه». انتهى(5).
اكتفي بهذا لئلاّ يطول بنا البحث، كما أكتفي بالإشارة إلى أنّ للقوم في هذا الحديث تصرّفات، فلا بُدّ من التحقيق عنه ممّن كان أهلاً لذلك.

(1) مجمع الزوائد 10 : 364، وانظر: المعجم الكبير 11 : 102 رقم 11177، والمعجم الأوسط 9 : 264 ـ 265 ح 9406 وج 3 : 9 ح 2212.
(2) راجع ترجمته في مبحث آية التطهير، في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(3) تاريخ مدينة دمشق 42 : 259.
(4) كذا؛ لكن في لسان الميزان 2 : 159، وتاريخ دمشق: «المكفوف».
(5) ميزان الاعتدال 1 : 443.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *