من أسانيده الصحيحة

من أسانيده الصحيحة:
وهذا بيان وثاقة رجال سند مسند أحمد:
فأمّا عبداللّه بن أحمد:
فغنيٌّ عن التوثيق.
وأمّا عثمان بن أبي شيبة:
فهو: عثمان بن محمّد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن بن أبي شيبة، الكوفي. قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكره كذلك: «ثقة حافظ شهير، وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين وله ثلاث وثمانون سنة» وقد وضع عليه علامة: «البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة»(1).
وأمّا مطّلب بن زياد:
فذكره الحافظ ابن حجر بقوله: «المطّلب بن زياد بن أبي زهير، الثقفي، مولاهم، الكوفي، صدوق، ربّما وهم، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين» ثمّ وضع عليه من العلائم: بخ ص ق(2).
وأمّا السدّي:
فهو: إسماعيل بن عبدالرحمن، أخرج له مسلم والأربعة، كذا علّم الحافظ، وقد وصفه بالصدق(3).
وأمّا عبدخير:
فهو: عبدخير بن يزيد، وهو من رجال الصحاح الستّة كما علّم الحافظ، وقال: «مخضرمٌ، ثقة، من الثانية، لم يصح له صحبة»(4).
وقال أيضا: «قال أبو جعفر محمّد بن الحسين البغدادي: سألت أحمد بن حنبل عن الثبت في عليٍّ، فذكر عبدخير فيهم»(5).
وقال ابن عبدالبرّ: «أدرك زمن النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ولم يسمع منه، وهو من كبار أصحاب عليّ، ثقة مأمون»(6).
هذا، ولا يخفى أنّ الهيثمي الذي حكم بأنّ «رجال أحمد ثقات» من أشهر وأعظم أئمّة الحديث وعلماء الجرح والتعديل عندهم، ولا بأس بنقل الكلمات التالية في حقّه:
ابن حجر: «صار كثير الاستحضار للمتون جدّاً لكثرة الممارسة، وكان هيّناً ليّناً خيّراً…».
البرهان الحلبي: «إنّه كان من محاسن القاهرة».
التقي الفاسي: «كان كثير الحفظ للمتون والآثار، صالحاً خيّراً…».
الأفقهسي: «كان إماماً عالماً، حافظاً، زاهداً، متواضعاً، متودّداً إلى الناس، ذا عبادة وتقشّف وورع».
السخاوي: «الثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدّاً، بل هو في ذلك كلمة اتّفاق»(7).
السيوطي: «الهيثمي الحافظ… قال الحافظ ابن حجر: كان خيّراً ساكناً، صيّناً سليم الفطرة، شديد الإنكار للمنكر…»(8).

قلت:
وللحديث أسانيد صحيحة غير ما ذكر، ومن ذلك:
* رواية الحبري، فإنّ سندها صحيح، كما ذكرنا في بحثنا عن سورة الدهر.
* وقد رواه الحاكم الحسكاني، عن الجوهري، عن المرزباني، عن علي بن محمّد الحافظ، عن الحبري… وقد ترجمنا لهم في مبحث سورة الدهر كذلك، فلا نعيد.
* رواية الطبراني، وهي عن الفضل بن هارون البغدادي ـ صاحب أبي ثور ـ عن عثمان بن أبي شيبة… بالإسناد المتقدّم عن مسند أحمد.
* ورواه الحافظ الخطيب البغدادي، عن محمّد بن عبداللّه بن شهريار، عن الطبراني… بالإسناد المتقدّم بترجمة الفضل بن هارون، ولم يتكلّم عليه بشيء أصلاً(9).
* رواية ابن عساكر، فقد روى الحديث بأسانيد بعضها صحيح بلا كلام، ومن ذلك روايته:
عن ابن الحُصَين، وقد وصفه الذهبي بقوله: «الشيخ الجليل، المسنِد الصدوق».
وحكى عن السمعاني قوله: «شيخ ثقة ديّن، صحيح السماع، واسع الرواية… وكانوا يصفونه بالسداد والأمانة والخيرية».
وعن ابن الجوزي: «كان ثقة»(10).
عن ابن المُذْهِب، وقد ترجم له الذهبي كذلك، ووصفه بـ«الإمام العالم، مسنِد العراق»(11).
وقال الخطيب: «كتبت عنه، وكان يروي عن القطيعي مسند أحمد بأسره، وكان سماعه صحيحاً إلاّ في أجزاء منه، فإنّه ألحق اسمه»(12) فقال ابن الجوزي: «وهذا لا يوجب القدح، لأنّه إذا تيقّن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطّه»(13).
عن القطيعي، قال الذهبي: «الشيخ العالم المحدّث، مسنِد الوقت… راوي مسند الإمام أحمد… حدّث عنه: الدارقطني وابن شاهين، والحاكم…» وذكر جماعة، ثمّ حكى قول الدارقطني: «ثقة زاهد قديم، سمعت أنّه مجاب الدعوة» والبرقاني: «كان صالحاً… ثبت عندي أنّه صدوق» والحاكم أنّه: «حسّن حاله وقال: كان شيخي»(14).
عن عبداللّه بن أحمد، بالإسناد المتقدّم عن المسند.
وبعد، فإنّه يكفي أن يكون للحديث سند واحد صحيح، وقد رأينا أنّ له عدّة أسانيد صحيحة، وهناك عشرات الأسانيد الأُخرى، ومن جملتها ما في تفسير الثعلبي، ولو كانت كلّ هذه ضعافاً فلا ريب في صلاحيّتها لتأييد الصحاح المذكورة.
على أنّ للحديث شواهد لا تحصى، وستقف على طرف منها.

أقول:
فهلمّ معي لننظر كيف يضطرب المتعصّبون أمام هذا الحديث الصحيح في إسناده، والصريح في مفاده!!

* * *

(1) تقريب التهذيب 2 : 13.
(2) تقريب التهذيب 2 : 254.
(3) تقريب التهذيب 1 : 71.
(4) تقريب التهذيب 1 : 470.
(5) تهذيب التهذيب 6 : 114.
(6) الاستيعاب 3 : 1005.
(7) تجد هذا الكلمات في الضوء اللامع 3 : 202.
(8) طبقات الحفّاظ: 545 رقم 1178، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 1 : 362 رقم 97.
(9) تاريخ بغداد 12 : 372.
(10) سير أعلام النبلاء 19 : 536.
(11) سير أعلام النبلاء 17 : 640.
(12) تاريخ بغداد 7 : 390.
(13) المنتظم 15 : 337.
(14) سير أعلام النبلاء 16 : 210 ـ 213.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *