8_ المغالطة الفاضحة

المغالطة الفاضحة

وقد يلجأ ابن تيميّة في بحوثه إلى المغالطة:
فتراه يجيب عن قول العلاّمة: «أنهم سمّوا عائشة رضي الله عنها أمّ المؤمنين ولم يسمّوا غيرها بذلك»: «فهذا من البهتان الواضح الظاهر لكلّ أحد، وما أدري هل هذا الرجل وأمثاله يتعمّدون الكذب، أم أعمى الله أبصارهم لفرط هواهم، حتى خفي عليهم أن هذا كذب؟ وهم ينكرون على بعض النواصب أن الحسين لمّا قال لهم: أما تعلمون أني ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالوا: والله ما نعلم ذلك. وهذا لا يقوله ولا يجحد نسب الحسين إلاّ متعمّد للكذب والافتراء…»(1).
أقول:
أين هذا؟ ومن رواه؟ بل الثابت أنّهم أجابوه، لمّا سألهم: «فلم تقاتلونني؟» بأن قالوا: «بغضاً منّا لأبيك» بل في المصادر أنهم كانوا يخاطبونه «يا ابن فاطمة»(2).
ويجيب عن قول العلاّمة في معاوية: «قتل جمعاً كثيراً من خيار الصحابة» بقوله: «الذين قتلوا قتلوا من الطائفتين، قتل هؤلاء من هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء…»(3).
أقول:
فقد غالط الرجل، لأن كلام العلاّمة مطلق، وليس في خصوص الحرب والقتال.. فالذين قتلهم معاوية ـ من خيار الصحابة ـ لا في الحرب جمع كثير…
ويجيب عن استدلال العلاّمة لإمامة أميرالمؤمنين: بلزوم كون الإمام معصوماً، وأهل السنّة لا يدّعون العصمة لأحد من أئمتهم، وعلي معصوم فهو الإمام، فيقول ابن تيمية:
«قولهم: ليس بمعصوم غير علي اتّفاقاً. ممنوع… فكثير من أتباع بني اميّة ـ أو أكثرهم ـ كانوا يعتقدون أنّ الإمام لا حساب عليه ولا عذاب، وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام، بل تجب عليهم طاعة الإمام في كلّ شيء، والله أمرهم بذلك، وكلامهم في ذلك معروف كثير…»(4).
أقول:
فهل هذا معنى العصمة؟
ويجيب عن الإستدلال بكون أميرالمؤمنين أوّل من أسلم:
«إن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام، مع أنّ السابقين الأوّلين أفضل منه، فكيف يجعل المفضول مستحقاً لهذه المرتبة دون الفاضل؟»(5).
أقول:
إنّ الكلام في المفاضلة بين أميرالمؤمنين عليه السلام وغيره من الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر، فالعلاّمة يريد إثبات أفضليته لكونه عليه السلام أوّل من أسلم ولم يسجد لصنم قط، دون أولئك كلّهم، فكيف يجعل من ولد على الإسلام مشاركاً له في هذه الفضيلة؟
ويجيب عن قول العلاّمة: «وفي غزوة خيبر كان الفتح فيها على يد أمير المؤمنين…» فيقول:
«لعنة الله على الكاذبين، من ذكر هذا من علماء النقل؟ وأين إسناده وصحّته؟ وهو من الكذب، فإن خيبر لم تفتح كلّها في يوم واحد، بل كانت حصوناً متفرقة، بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صلحاً…»(6).
أقول:
ومتى قال العلاّمة كانت حصناً واحدة؟ وفتح كلّها في يوم واحد؟ وهل البحث في هذا؟

(1) منهاج السنة 4/367ـ368.
(2) مقتل الحسين للخوارزمي المتوفى سنة 568، 2/38.
(3) منهاج السنة 4/467.
(4) منهاج السنة 6/430.
(5) منهاج السنة 7/134.
(6) منهاج السنة 8/123.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *