خطبة ابنة أبي جهل

خِطبة بنت أبي جهل
وقد كرّر ابن تيميّة ذكر هذا الخبر المختلق، واستند إليه في كلّ موضع أحرج ولم يجد مخلصاً:
«وصاهر نبي الله صلّى الله عليه وسلّم ببناته الثلاثة لبني اُمية، فزوّج أكبر بناته زينب بأبي العاص بن الربيع بن اُمية بن عبد شمس، وحمد صهره لمّا أراد علي أن يتزوّج ببنت أبي جهل…»(1).
فأورده في سياق كلامه في الدفاع عن بني اميّة!!
وقال: «وأمّا قوله: رووا جميعاً: إنّ فاطمة بضعة منّي من آذاها آذاني ومن آذاني آذى الله، فإن هذا الحديث لم يرو بهذا اللّفظ، بل روي بغيره، كما روي في سياق حديث خِطبة علي لابنة أبي جهل، لمّا قام النبي صلّى الله عليه وسلّم خطيباً فقال…»(2).
قاله مدافعاً عن أبي بكر الذي آذاها…!!
وقال: «المذكور عن أزواجه كالمذكور عمّن شهد له بالجنّة من أهل بيته وغيرهم من الصحابة، فإن علياً لمّا خطب ابنة أبي جهل…»(3).
قاله في مقام الدفاع عن عائشة وحفصة، اللتين ورد فيهما قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ…)وقد ثبت في الصحيح أنهما عائشة وحفصة…
وقال: «وكذلك طلبه نكاح بنت أبي جهل حتى غضب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فرجع عن ذلك»(4).
قاله في تبرير قولة عمر: «إن النبيّ ليهجر»!!
وقال: «… فإن عليّاً لما خطب بنت أبي جهل خطب النبي صلّى الله عليه وسلّم الخطبة المعروفة، وما حصل مثل هذا في حق أبي بكر قط»(5).
قاله مدافعاً عن أبي بكر وغيره، في الجواب عن قول العلاّمة: «ولقد عاتب الله تعالى أصحاب محمّد في القرآن وما ذكر علياً إلاّ بخير. وهذا يدلّ على أنه أفضل فيكون هو الإمام».
مع أنّ هذا الذي ذكره العلاّمة إنّما هو نصّ حديث عن ابن عبّاس، أخرجه عنه الطبراني وابن أبي حاتم وغيرهما، قال: «ما أنزل الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) إلاّ وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمّد في غير مكان، وما ذكر عليّاً إلاّ بخير»(6) .
وقال: «وقد همّ بتزوّج بنت أبي جهل حتى غضب النبي صلّى الله عليه وسلّم فتركه»(7).
قاله ـ وبدون مناسبة ـ ليجيب به عن قول العلاّمة بأنَّ الفتح في خيبر كان على يد أميرالمؤمنين، وقد انهزم أبو بكر وعمر، وكان فتح مكة بواسطته.
وكأنّه يريد بذلك التغطية على انهزام الشيخين في خيبر، وعلى عجزهما عن القيام بشيء في فتح مكة!!
وبعد:
فقد حقّقت في رسالة مفردة خبر خِطبة أميرالمؤمنين عليه السلام بنت أبي جهل، في رواية أحمد في المسند، والبخاري ومسلم في الصحيحين، والأربعة في السنن، والحاكم في المستدرك… وأثبتُ كذب هذا الخبر وأنه لا أصل له أصلا، وإنما وضعه واضعوه للطعن في النبي وأميرالمؤمنين والصدّيقة الطاهرة سلام الله عليهم أجمعين، فليرجع إليها من شاء.

(1) منهاج السنة 4/145.
(2) منهاج السنة 4/250.
(3) منهاج السنة 4/314ـ315.
(4) منهاج السنة 6/28.
(5) منهاج السنة 7/235.
(6) تاريخ الخلفاء ـ أبو السبطين علي بن أبي طالب، فصل في الأحاديث الواردة في فضله: 171.
(7) منهاج السنة 8/123.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *