حول جهاده الكفار بسيفه وكونه أشجع الناس

جهاده الكفار بسيفه وكونه أشجع الناس بعد النبي
يقول العلامة الحلّي: «إنه كان أشجع الناس، وبسيفه ثبتت قواعد الإسلام، وتشيّدت أركان الإيمان، ما انهزم في موطن قط…».
فاستمع إلى جواب ابن تيمية:
«أمّا قوله: إنه كان أشجع الناس، فهذا كذب، بل كان أشجع الناس رسول الله…»(1).
بالله عليك! فهل كان العلاّمة يدّعي كون أميرالمؤمنين أشجع من النبي، صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم؟ إنّ هذا الجواب أليق بالحمقى منه بأهل العلم!
إلاّ أنّ السرّ في هذه المغالطة هو عدم تمكّنه من دعوى أشجعيّة أبي بكر وعمر… لكنّه كما جعل «القتل» يكون «بالدعاء» كذلك جعل «الشجاعة» تكون «بالقعود» عن الحرب والقتال… قال: «وإذا كانت الشجاعة المطلوبة من الأئمة شجاعة القلب، فلا ريب أنّ أبا بكر كان أشجع من عمر، وعمر أشجع من عثمان وعلي وطلحة والزبير.. وكان يوم بدر مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في العريش…»(2).
إذن: كان أبو بكر وغيره فاقدين للشجاعة البدنية، لكنّ الشجاعة المطلوبة من الأئمة هي «شجاعة القلب»، ولا ريب في أن أبا بكر وعمر كانا أشجع من علي.
ألا سائل يسأله ـ بعد التنزّل عن كلّ ما هنالك ـ أنّ الشّجاعة البدنيّة تكون بلا شجاعة القلب؟!
وإذا كانوا واجدين لشجاعة القلب وثباته فلماذا انهزموا وفرّوا؟
يقول: «وأمّا قوله: ما انهزم قط. فهو في ذلك كأبي بكر وعمر وطلحة والزبير وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، فالقول في أنه ما انهزم كالقول في أنّ هؤلاء ما انهزموا قط، ولم يعرف لأحد من هؤلاء هزيمة… والمسلمون كانت لهم هزيمتان: يوم أحد ويوم حنين. ولم ينقل أن أحداً من هؤلاء انهزم، بل المذكور في السّير والمغازي أن أبا بكر وعمر ثبتا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد ويوم حنين، ولم ينهزما مع من انهزم. ومن نقل أنهما انهزما يوم حنين فكذبه معلوم. وإنما الذي انهزم يوم اُحد عثمان، وقد عفا الله عنه. وما نقل من انهزام أبي بكر وعمر بالراية يوم حنين فمن الأكاذيب المختلقة التي افتراها المفترون»(3).
ثمّ إذا طالبته بأحسن مورد ظهرت فيه شجاعة أبي بكر، ذكر في الجواب ما في الصحيحين! عن عروة بن الزبير! عن عبدالله بن عمرو بن العاص!… يقول ابن تيمية:
«ومن شجاعة الصدّيق ما في الصحيحين، عن عروة بن الزبير قال: سألت عبدالله بن عمرو، عن أشدّ ما صنع المشركون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ)»(4).
فهذه شجاعة أبي بكر عند أشدّ ما صنع المشركون برسول الله!!

تكميل
من الاُمور الثابتة بالضرورة فرار أبي بكر وعمر يوم اُحد ويوم خيبر، أمّا في اُحد فروى الخبر: أبو داود الطيالسي، وابن سعد، والبزّار، والطبراني، وابن حبان، والدار قطني، وأبو نعيم، وابن عساكر، والضياء المقدسي، وغيرهم من الأئمة الأعلام(5).
وأمّا في خيبر فرواه: أحمد، وابن أبي شيبة، وابن ماجة، والبزار، والطبري، الطبراني، والحاكم، والبيهقي، والضياء، والهيثمي، وجماعة غيرهم فراجع(6).
وأمّا في اُحُد فالذي صبر مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وعدّ من خصائصه كما في الحديث الصحيح عن ابن عبّاس ـ هو علي عليه السّلام(7).
وأمّا في خندق فقد عرف الناس حال القوم، وقعودهم عن البراز إلى ابن عبدود، بما لا يحتاج إلى ذكر!!
وعلى هذه فقس ما سواها!

(1) منهاج السنة 8/76.
(2) منهاج السنة 8/79.
(3) منهاج السنة 8/91.
(4) منهاج السنة 8/85.
(5) كنز العمّال ـ كتاب الغزوات، غزوة اُحد، مسند الصديق الحديث 30025ـ10/424.
(6) كنز العمال ـ كتاب الغزوات غزوة خيبر، مسند علي، الحديث 30119ـ10/462 عدّة أحاديث.
(7) المستدرك على الصحيحين ـ كتاب معرفة الصحابة، ذكر إسلام أميرالمؤمنين علي رضي الله تعالى عنه حديث 4582 ـ 3/120.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *