الترتّب ببيان المحقق العراقي و الكلام حوله

الترتّب ببيان المحقق العراقي:
وقد جوّز المحقق العراقي(1) طلب الضدّين بنحو العرضيّة مضافاً إلى جواز ذلك بنحو الترتب، خلافاً للمحققين الآخرين، إذ خصّوا ذلك بالترتب فقط، ونحن نذكر محصّل كلامه في كلتا الجهتين كما في ( نهاية الأفكار ):
أمّا تصويره طلب الضدّين على نحو العرضيّة، فقد ذكر أنّ الأهم والمهم يُطلبان في عرض واحد ـ وبلا تقييد لا في الطلب ولا في المطلوب ـ إلاّ أنّ إيجاب الأهمّ تام، وإيجاب المهمّ ناقص.
والأصل في هذه النظريّة هو المحقق صاحب الحاشية في تعريف الواجب(2)التخييري، فقد ذهب إلى أنّه أمر بالشيء مع النهي عن بعض أنحاء التروك، في قبال الواجب التعييني فهو الأمر بالشيء مع اقتضائه للنهي عن جميع أنحاء التروك، وذلك: لأن لكلّ وجوب تروكاً متعددةً بالنظر إلى مقدّماته وأضداده، فالصّلاة تنتفي بانتفاء الطهارة التي هي من شروطها، وبوجود المزاحم، فيكون وجود الصّلاة موقوفاً على وجود شرائطها وعدم جميع الموانع لها، ويتعدّد عدمها بعدد كلّ مقدمة مقدمة إذا عدمت، وبعدد كلّ مزاحم مزاحم إذا وجد… وعلى هذا، فالواجب المطلق ما انسدّ فيه جميع الأعدام، ومقتضى تعلّق الطلب به هو سدّ أبواب الأعدام كلّها. وكذلك الواجب التعييني، فهو يقتضي سدّ التروك، لأنّ ترك العتق يتحقّق بترك الصوم وبفعل الصوم، فإذا وجب العتق على نحو التعيين، كان وجوبه مقتضياً لانتفاء تركه مع فعل الصوم وانتفائه مع ترك الصوم. لكنه إذا وجب على نحو التخييرية يسدّ باب تركه مع ترك الصوم لا مع فعله، إذ له أن يصوم ولا يعتق… فهذا معنى أنّ الواجب التخييري هو الأمر بالشيء مع النهي عن بعض أنحاء تركه.
ونتيجة هذا التحقيق في حقيقة الوجوب التخييري هو أن متعلّق الطلب فيه هو الحصّة الملازمة لترك العدل، فمتعلّق الطلب في العتق مثلاً هو الحصة الملازمة لترك الصوم والإطعام، دون الحصّة الملازمة لفعلهما. ومن هنا اتّخذ المحقق العراقي مصطلح الحصّة التوأمة.
وعلى ضوء ما تقدم، قال هنا:
إنّ الضدّين إمّا لا ثالث لهما كالحركة والسكون، وإمّا لهما ثالث كالصّلاة والإزالة.
فإن كانا من قبيل الأول، فالتخيير الشرعي مستحيل بل هو تخيير عقلي من باب لابديّة أحد الأمرين، إذ التخيير الشرعي إنما يكون حيث يمكن ترك كلا الطرفين ولا يكون أحدهما قهري الحصول، فليس الحركة والسكون من موارده.
وإن كانا من قبيل الثاني، فالمجموع مقدور على تركه وليس شيء منه بقهريّ الحصول، وحينئذ، فالحكم هو التخيير شرعاً، لأن المفروض إمكان استيفاء الملاك بكلٍّ من الطرفين، فمع أن ملاك الصّوم يغاير ملاك العتق، وبينهما تضاد، لكن مجموع الملاكات يمكن استيفاؤه كما يمكن تفويته، فلو لم يجعل الشارع خطاباً تخييرياً لزم انتفاء المجموع، وجعل الخطاب التعييني غير ممكن، لفرض التضادّ بين الملاكات، فيجب وجود الخطاب التخييري… ومن هنا يقول هذا المحقق: إن المجعول في الواجبات التخييرية متمّم الوجود والوجوب، لأنّ الوجوب في كلّ فرد من التخييري ناقص ـ بخلاف الوجوب في الواجب التعييني ـ إذ ينسد باب العدم عن أحد الفردين حيث يترك الفرد الآخر، أمّا مع فعله فلا يلزم سدّ باب العدم.
والمهم أن نفهم كيفية الوجوب التخييري، وأنه كيف يكون أحد الوجوبين في الأهم والمهم ناقصاً، ويكون كلاهما تامّاً في المتساويين ؟
يقول: إن الضدّين إمّا متساويان في الملاك وإمّا مختلفان، والواجبان إمّا مضيّقان وإمّا موسّعان، وإمّا أحدهما مضيّق والآخر موسّع.
فإن كانا مضيّقين وتساويا في الملاك ـ ولا أهم ومهم ـ احتمل اشتراط الطلب في كلّ منهما بترك الآخر، واحتمل اشتراط المطلوب في كلّ منهما بترك الآخر، لكنّ كليهما مستحيل، وينحصر الأمر بكون وجوبهما وجوباً ناقصاً.
ووجه الإستحالة هو: أنه لو كان الغريقان متساويين في الملاك ولا يمكن انقاذهما معاً، فإن اشتراط طلب انقاذ هذا بترك انقاذ ذاك محال، لأنه إن ترك انقاذ كليهما تحققت المطاردة بين الطلبين، لحصول شرط وجوب كلٍّ من الطلبين بترك كليهما، ويصبح الطلبان فعليين، والطلبان الفعليّان مع وحدة القدرة محال. واشتراط طلب انقاذ كلٍّ منهما بمعصية الأمر بإنقاذ الآخر محال كذلك، للزوم تأخّر المتقدّم بمرتبتين، لأن المفروض كون طلب انقاذ هذا مشروطاً بمعصية طلب إنقاذ الآخر، والمعصية متأخّرة عن الطلب، والمشروط متأخّر عن الشرط، فكلّ طلب متأخّر بمرتبتين ومتقدّم بمرتبتين، وهذا محال.
فتحصّل: استحالة اشتراط طلب أحد الضدّين المتساويين ملاكاً بترك الآخر أو بمعصية الأمر المتعلّق بالآخر.
فلا يمكن أن يكون الطلب مشروطاً.
وأمّا المطلوب فكذلك، لأن المطلوب ـ وهو الواجب ـ متأخّر عن الشرط، فلو اشترط المطلوب الواجب ـ وهو إنقاذ هذا الغريق ـ بترك إنقاذ الآخر، كان المطلوب متأخّراً عن الترك، والترك يتقدّم على وجود الإنقاذ تقدّم الشرط على المشروط، لكن وجود إنقاذ هذا متّحد رتبةً مع ترك إنقاذ الآخر وكذا العكس، لكون النقيضين في مرتبة واحدة.
فتكون النتيجة تأخّر وجود هذا الإنقاذ عن وجود انقاذ الآخر، وقد عرفت تأخّر وجود الآخر عن وجود هذا كذلك… فيستحيل اشتراط الواجب بترك الواجب الآخر.
وهكذا الحال لو اشتراط الواجب المطلوب بمعصية الأمر المتعلّق بالمطلوب الآخر، لما ذكرناه في اشتراط الطلب بمعصية طلب الآخر.
وإذا استحال اشتراط الطلب واشتراط المطلوب، فلا مناص من الالتزام ـ في المضيّقين المتّحدي الملاك ـ بوجوبين ناقصين، والمقصود هو: إن كلاًّ من الإنقاذين واجب، بحيث يطرد هذا الوجوب عدم نفسه إلاّ من جهة وجود انقاذ الآخر، فلو أنقذ الغريق الآخر لم يجب انقاذ هذا، وكذا العكس.
قال: إنّ وجوب شيء على تقدير وجود شيء آخر، ـ كما لو وجب إكرام زيد على تقدير مجيئه ـ هو في الحقيقة إلزام من جهة وترخيص من جهة أُخرى، إذ الإكرام يكون واجباً إن جاء، ويكون مرخّصاً فيه في فرض عدم مجيئه، فاجتمع الإلزام مع الترخيص في الترك، وكذلك يمكن أن يجتمع الإلزام بفعل شيء مع الإلزام بترك نفس الشيء، لأنّ كلّ شيء له أضداد وموانع عن وجوده، فيصح الإلزام بفعل شيء على تقدير وجود ضد من أضداده، والإلزام بترك الشيء نفسه على تقدير وجود ضد آخر، كأن يلزم بإتيان الصّلاة على تقدير النوم، بمعنى أن النوم لا يرفع وجوب الصّلاة، وأن يلزم بترك الصّلاة على تقدير ضدّ آخر وهو الإزالة، بمعنى أنه مع الإتيان بالإزالة مأمور بترك الصّلاة.
فظهر إمكان الأمر بالضدّين المتساويين في الملاك بالوجود والوجوب الناقص.
وأما إنْ كانا غير متساويين، بل كان أحدهما أهم من الآخر فكذلك… لما تقدّم من أن للشيء أنحاء من العدم بأنحاء الإضافات والأضداد والمقدّمات، فلو حصل التمانع بين طلب الإزالة وطلب الصّلاة، وكانت الإزالة أهم، تحقق للصّلاة عدم من ناحية وجود الإزالة، وعدم من ناحية وجود غير الإزالة كالأكل والنوم وغيرهما.
إلاّ أنه لمّا كان المفروض كون طلب الصّلاة ناقصاً، كان المقصود هو عدم مطلوبيّة الصلاة في حال تحقق الإزالة، لكنّها مطلوبة من ناحية وجود غير الإزالة من الأضداد، فاجتمع في طلب الصّلاة جهة الإلزام بفعلها والإلزام بتركها. أمّا الإلزام بفعل الصّلاة فمن غير ناحية وجود الإزالة، وأما الإلزام بتركها فمن ناحية وجود الإزالة… هذا بالنسبة إلى طلب الصّلاة.
وأمّا الإزالة ـ وهي الأهم ـ فإن طلبها تام وليس بناقص، فهو يريدها من جميع النواحي، أي يريد الأعدام كلّها، عدم الصّلاة، عدم الأكل، عدم النوم… فقد توجّه الأمر بالإزالة بهذا الشكل….
وبهذا البيان لا يلزم أيّ محذور من أن يجتمع الأمر بالضدّين ـ الإزالة والصّلاة ـ ويكونا في عرض واحد… لأن المحذور لا يكون إلاّ في مرحلة الاقتضاء أو في مرحلة الامتثال والطاعة، ومع كون أحد الطلبين تامّاً والآخر ناقصاً فلا يلزم أيّ محذور، لأنّ مقتضى الأمر بالأهم إعدام المهم بلحاظ وجود الأهمّ لتماميّة اقتضاء وجوده من هذه الناحية، بخلاف الأمر بالمهم فليس له هذا الاقتضاء بالنسبة إلى الأهم، وإنما يقتضي إعدام الأضداد الأُخرى… فلا مطاردة بين الطلبين… في مرحلة الاقتضاء. وكذلك في مرحلة الامتثال، لأنّه مع امتثال الأمر بالأهمّ لا يبقى الموضوع للأمر بالمهمّ حتى تصل النوبة إلى امتثاله، لأنّ الأهمّ يقتضي سدّ باب عدمه من ناحية المهم، أمّا الأمر بالمهم فقد كان ناقصاً، لفرض كونه محفوظاً بالنسبة إلى غير الإزالة من الأضداد، أمّا بالإضافة إلى الإزالة فلا… أللّهم إلاّ أن تصل النوبة إلى إطاعته بالتمرّد والمعصية للأمر بالأهمّ، وهذا شيء آخر غير المطاردة بين الأمرين.
فظهر: أن الأمر بالأهمّ لا يطرد إطاعة الأمر بالمهمّ، بل إنه مع إطاعة الأمر بالأهم لا يبقى موضوع لطاعة الأمر بالمهم، وإن الأمر بالمهم لا يطرد إطاعة الأمر بالأهم، لأن الأهم إن لم تتحقّق إطاعته فذلك على أثر العصيان لا على أثر الأمر بالمهم….
فلا مطاردة بين الأمرين، لا اقتضاءً ولا امتثالاً.
إشكال المحقق الإصفهاني
وأورد المحقق الإصفهاني(3) على نظرية المحقق العراقي بما توضيحه:
إنه إن كان المراد من « التام » و« الناقص » أنّ إمكان الترتّب غير موقوف على اشتراط وجوب المهم وترك الأهم وعصيانه، وأنه يمكن بنحو الواجب المعلّق، فلا حاجة إلى هذا التقريب الغريب، حيث صوّرتم الحصص للعدم وأنّ للشيء ـ الذي له وجود واحد ـ أعداماً عديدة، بل نقول: إنه من المعقول أن يكون الوجوب فعليّاً ويكون الواجب مقيّداً بظرف معصية الأهم، كما هو الحال في كلّ واجب معلّق، حيث الوجوب مطلق والواجب حصّة خاصة. هذا أولاً. وثانياً: إن كان المقصود أن المهمّ غير مشروط بمعصية الأهم، وأنه يصوّر وجوب المهم بنحو الواجب المعلّق، فيرد عليكم لزوم التفكيك بين فعليّة الوجوب وفاعليّته، وهذا باطل، إذ الطلب الفعلي يتقوّم بأن يجعل المولى ما يمكن أن يكون محرّكاً وباعثاً للعبد، فهذا معنى إمكان الباعثيّة، لأن العبد لو خلّي عن الموانع يكون للطلب إمكان الباعثيّة له، فقولكم بوجود الأمر والطلب وبفعليّته لكن بلا فاعلية، يستلزم التفكيك بين البعث والانبعاث، وهذا غير معقول.
وإن كان المراد من تصوير « التام » و« الناقص » رفع المطاردة والتمانع بين الأهم والمهم، فهذا غير متحقّق، لأن المفروض إطلاق الأمر بالأهم، فهو موجود في حال وجود المهم وفي حال عدمه، وحينئذ، فالحصّة من عدم الأهم الملازمة مع وجود المهم مطرودة من قبل الأهم ولا يبقى الاقتضاء للمهم، وأمّا الحصّة من عدم الأهم الملازمة لعدم المهم، فيتحقّق فيها المطاردة. مثلاً: لو ترك الأهم مع عدم المهم لوجود بعض الأضداد الأُخرى، كان الأمر بالمهم مقتضياً لطرد عدمه من ناحية غير وجود الأهم، لأنه يدعو إلى نفسه من غير ناحية الأهم من سائر الأضداد، لكن الأمر بالأهم موجود بإطلاقه، فهو يقتضي عدم نفسه، فالطّرد يحصل من طرف الأهم والمهم كليهما، إذ الأهم يقول بطرد عدم نفسه والمهم يقول مع وجود بعض الأضداد الأُخرى بطرد عدم نفسه، والمفروض أن القدرة واحدة والوقت ضيّق.
دفاع الأُستاذ عن المحقق العراقي
وقد أجاب شيخنا الأُستاذ، أمّا عن الإشكال الأوّل: فبأنّ المحقق العراقي لا يقصد إثبات المطلب عن طريق الواجب المعلّق، بل يريد أن هنا طلبين بلا اشتراط من طرف المهم، وأحدهما تام والآخر ناقص، فلا علاقة للبحث بالواجب المعلّق. وبعبارة أُخرى: إنه لو أنكرنا الواجب المعلّق فما الإيراد على نظريّة المحقق العراقي ؟
إنه يقول: بأن أحد الطلبين ناقص والآخر تام، أمّا في الواجب المعلّق فالطلب تام وليس بناقص، وإنما المتعلّق له هو الحصّة… فكم الفرق ؟
هذا أوّلاً. وثانياً: إن المحقق العراقي من القائلين بالواجب المعلّق، فالإشكال عليه من هذا الحيث مبنائي.
وأمّا عن الإشكال الثاني: فبأن معنى « المطاردة » هو « التمانع » وقد بيّن المحقق العراقي عدم حصوله في مرحلة الاقتضاء وفي مرحلة الامتثال، فهو يقول باقتضاء الأهم إعدام المهم دون بقيّة أضداد المهم، إذ لا نظر للأهم إلى الأكل والشرب والنوم وأمثالها، وإنما يدعو إلى نفسه وترك المهم، والمهم يقتضي الاتيان به من ناحية بقيّة الأضداد لا من ناحية وجود الأهم، فلا تمانع بين الاقتضائين. وكذلك يقول في مرحلة الإطاعة بمعنى: أن الأهم يدعو إلى نفسه ويريد الإطاعة له، لكنّ المهمّ لا اقتضاء له للإطاعة مع وجود الأهم، لأنه مع تأثير الأهم في الإطاعة لا يبقى موضوع للأمر بالمهم، حتى يمكنه طرد الأهم… ولو فرض سقوط الأمر بالأهمّ على أثر التمرّد والعصيان له، فلا فاعليّة له ليكون طارداً للأمر بالمهم، لفرض كون الأمر بالأهم منطرداً حينئذ ـ حسب تعبيره ـ فأين المطاردة ؟
اشكال الأُستاذ
هذا، وأورد الاستاذ على المحقق العراقي: بأنّ العمدة في الفرق بين نظريّته وأنظار المحققين الآخرين هو عدم الاشتراط والتقييد بين الطلبين، بل إنّ كلاً منهما بالنسبة إلى الآخر مطلق، غير أنّ أحد الطلبين تام والآخر ناقص فالإشكال هو: إنّ الإطلاق وعدم التقييد في الطلب يرجع إلى المولى، كما أنّ أصل الطلب يرجع إليه، وكما يعتبر في أصل الخطاب والطلب أن لا يكون لغواً ـ لفرض كون المولى حكيماً لا يفعل اللغو ـ كذلك يعتبر في الاطلاق وجود الأثر وعدم اللّغوية، لكنّ وجود الأمر بالمهم مع امتثال الأمر بالأهم لغو، فلا يمكن أن يكون مطلقاً، إذ لا أثر لطلبه مع امتثال الأمر بالأهم، فإمّا يكون الأمر بالمهم مهملاً، لكن الإهمال أيضاً محال، وإمّا أن يكون مشروطاً ومقيّداً بترك الأهم، وهذا هو المعقول والمتعيّن، فعاد الأمر إلى الترتّب وانتهى الاشتراط الذي هو مبنى الميرزا.
وقد فرغنا ـ حتى الآن ـ من طرح نظريّات الميرزا، والحائري تبعاً للفشاركي، والعراقي… وقد عرفت أن أمتن البيانات هو بيان الميرزا، وبقي:

(1) نهاية الأفكار (1 ـ 2) 375 ط جامعة المدرّسين.
(2) هداية المسترشدين: 247 ط حجري.
(3) نهاية الدراية 2 / 222 ـ 223.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *