الوجه الأول

الأوّل
إنّ الإرادة التشريعيّة على وزان الإرادة التكوينيّة، فكما أنّ التكوينيّة إذا تعلّقت بشيء تعلّقت بمقدّمته المتوقّف عليها، غير أنّ تلك إرادة نفسيّة وهذه غيريّة، كذلك التشريعيّة… وإن كان فرق بين الإرادتين من حيث أنّ التكوينيّة متعلّقها فعل النفس، والتشريعيّة متعلّقها فعل الغير عن اختيار. وهذا ما اعتمده في ( الكفاية )(1).
وهو أقوى الوجوه، إذ لا ريب في شيء من مقدّماته. إلاّ أنّ تماميّة هذا الوجه متوقّفة على معرفة حقيقة الحكم، لأنّ الدليل أفاد أنّه إن حصل الشوق الواصل إلى حدّ النصاب بالنسبة إلى المقدّمة تحقّق الوجوب الغيري لها، فهل هذا صحيح ؟
قيل: إنّ الحكم فعل اختياري.
وقيل: إنّه الإنشاء بداعي جعل الداعي.
وقيل: إنّه اعتبار لابدّية شيء أو حرمان المكلّف من شيء.
والقدر المشترك بين هذه الأقوال هو إنّ الحكم فعل اختياري.
وفي المقابل قول المحقّق العراقي من أنّ الحكم هو الإرادة المبرزة والكراهة المبرزة.
فعلى القول بأنّه فعل اختياري، فلا محالة تكون الإرادة التشريعيّة ـ وهي الشوق البالغ حدّ النصاب ـ أجنبيّة عن الفعل. أمّا على القول بأنّه الإرادة المبرزة، فلا تكون الإرادة التشريعيّة بلا إبراز حكماً، أللّهم إلاّ أن يبرز الإرادة بالنسبة إلى المقدّمة، كأن يقول: ادخل السوق واشتر اللّحم.
نعم، يتم الاستدلال لو قيل بأن حقيقة الحكم نفس الإرادة والكراهة.

(1) كفاية الأُصول: 126.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *