الإشكالات عليه و النظر فيها

الإشكالات على هذا الطريق والنظر فيها
هذا، وقد أورد على هذا الطريق بوجوه كلّها مندفعة:
الأول: إنّ الوجوب المشوب بجواز الترك لا يعقل إلاّ بنحو الواجب المشروط، وعليه، فلو ترك كلا الفردين فقد تحقق الشرط لها، فيجب الجمع بينهما، وهو خلف فرض الواجب التخييري، قاله المحقق الإيرواني.
وفيه: إنّ هذا الإشكال لا يرد على صاحب الكفاية، لقوله بالتقابل بين الأغراض كما تقدم، ولا يرد أيضاً على طريق الإصفهاني ـ وإن كان لا يرى التقابل المذكور ـ لأن المفروض وقوع التزاحم بين الأغراض وبين مصلحة التسهيل، ومع فرض التزاحم، لا يبقى الفردان أو الأفراد على الوجوب، والجمع موقوف على وجوبها كما هو واضح، فيكون الواجب واحداً من الفردين أو الأفراد فقط، فأين الجمع ؟
الثاني: إنه في حال ترك كلا الفردين يلزم تعدّد العقاب.
وفيه: إنه قد عرفت أنّ الباقي بعد التزاحم هو أحد الغرضين أو الأغراض، فلو ترك الكلّ فات الغرض الملزم الواحد، فلا يُستحق إلاّ عقاب واحد.
والثالث: إن القول بوجود واجبين يجوز ترك أحدهما إلى بدل، موقوف على تعدّد الغرض، لكنّ الكاشف عن تعدده هو تعدّد الوجوب، والحال أنّ الخطاب الشرعي في الواجب التخييري جاء بكلمة « أو » الدالّة على كون الواجب هو الجامع الانتزاعي، وهذا يكشف عن غرض واحد مترتب على هذا الجامع، أي: هذه الأُمور، لا على كلّ واحد واحد.
وقد أجاب شيخنا ـ في الدورتين ـ عن هذا الاشكال: بأنه ليس المقصود هو الكشف عن الغرض حتى يقال: ما هو الكاشف كذلك ؟ بل المقصود تصوير الوجوب التخييري وحلّ مشكلته في مقام الثبوت، وحاصل ذلك: إنّه ليس الحامل للغرض هو الأحد المصداقي، لعدم معقوليته، ولا المفهومي، لأنّه جامع انتزاعي وليس له وجود في الخارج، بل إنّا نكشف من مذاق الشارع وأدلّة الأحكام أن يكون لكلّ من العتق والصّوم والإطعام ملاك، لكن مصلحة التسهيل توجب أن لا يكون المكلّف مأموراً بتحصيل جميعها، إلاّ المفطر عمداً فلا يقع مورد الإرفاق والتسهيل… إذن، الكاشف عن الغرض موجود بهذه الصّورة.
والرابع: إن هذه المزاحمة إما أن تصل إلى حدّ اللّزوم، فلا يجب شيء من الخصال، وإمّا لا، فلا تزاحم.
وفيه: إن هذه المزاحمة لزوميّة، لكنّها بين مصلحة التسهيل وتحصيل جميع الأغراض، كلّ واحد واحد.
والخامس: إن سقوط التكليف يكون إمّا بالامتثال وإمّا العجز وإمّا النسخ، والإتيان بالفرد الآخر من الواجبين ليس بواحد من هذه الأُمور.
وفيه: إنّ ما ذكر يتمّ فيما لا يجوز تركه أصلاً وهو التعييني، لا في الواجبين اللذين يجوز ترك أحدهما إلى بدل.
ويبقى الإشكال الإثباتي، فقد قال في الدورة اللاّحقة: إنّ الإشكال الوارد على هذا الطريق هو الإشكال الإثباتي، فإن ظواهر الأدلة هو مطلوبيّة « الأحد » لكنّ مقتضى هذا الطريق هو عدم الترديد، فهو يرى وجوب كلٍّ من الأفراد.
أمّا في الدورة السابقة، فقد أجاب بأنّ المحقق الإصفهاني في مقام التصوير ثبوتاً ولا يدّعي مطابقة الأدلّة لما ذهب إليه، ولعلّ ذلك هو الظاهر من قوله: « يمكن فرض » أي أنه غير ملتزم لأن يكون التصوير متطابقاً مع مقام الإثبات… فلو انسدّت الطرق كلّها وبقي هذا، فلا مناص من رفع اليد عن الظواهر بحيث تناسب مقام الثبوت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *