نظريّة المحقق النائيني

المحقق النائيني
وذهب المحقق الميرزا إلى أنّ حقيقة الوضع : تخصيص الخالق الألفاظ بالمعاني ، وهذا التخصيص أمر متوسّط بين التكوين والتشريع .
وتوضيحه : إن الألفاظ والمعاني غير متناهية ، لكنّ الوضع للامور غير المتناهية غير ممكن ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى : المناسبة الموجودة بين اللّفظ والمعنى ، كلفظ الماء ومعناه ليست بذاتيّة ـ كالمناسبة الذاتية بين النار والحرارة ـ بل هي جعليّة ، لكنّ أفراد الإنسان وأهل اللسان لا يعلمون بتلك المناسبة ، فلابدّ وأن يكون الجاعل هو الله سبحانه ، فإنّه الملهِم لأن يعيّنوا اللّفظ الكذائي للمعنى الكذائي ، وهذا معنى كونه وسطاً بين التكوين والتشريع .
ولا يخفى مافيه ، فإنّه ـ بغض النظر عن عدم قابليّة التخصيص للتعيين والتعيّن معاً ـ ليس الامور الواقعيّة إلاّ ما يوجد في الخارج بإزائها شيء ، كالجواهر والأعراض ـ عدا الإضافة ـ أو ما لا يوجد ذلك ، بل يوجد المنشأ للانتزاع كالفوقيّة والتحتيّة ونحوهما . وأمّا وجود أمر ثالث يكون وسطاً بين الامور الخارجية الواقعية وبين التشريعية فهو غير معقول . هذا أوّلا .
وثانياً : إنّ الوضع يتبع احتياج البشر في إفادة أغراضه ومقاصده ، فهو في الحقيقة يحلُّ محلّ الإشارة المفهمة ، فإذا ولد له مولود وضع له اسماً كي يناديه به متى أراده ، وكذا لو اخترع جهازاً ، وهكذا … فليس الواضع هو الله ولا أحد معيّن من أفراد البشر . اللّهم إلاّ أن يثبت بدليل يقيني أنّ المراد من قوله تعالى : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا )(1) هو أسماء الكائنات ، ولكن دون إثبات ذلك خرط القتاد .

(1) سورة البقرة : 31 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *