معنى الآية عند علماء أهل السنّة

معنى الآية عند علماء أهل السنّة
وكذا عند علماء الجمهور:
* قال الواحدي: «قوله: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي: إذا حكم عليهم بشيء نفذ حكمه ووجبت طاعته عليهم. قال ابن عباس: إذا دعاهم النبيّ إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء، كانت طاعة النبيّ أولى بهم من طاعة أنفسهم»(1).
* وقال البغوي: «قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعني: من بعض ببعض، في نفوذ حكمه فيهم ووجوب طاعته عليهم. وقال ابن عباس وعطاء: يعني: إذا دعاهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أولى بهم من طاعتهم أنفسهم. قال ابن زيد: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فيما قضى فيهم، كما أنت أولى بعبدك فيما قضيت عليه… .
أخبرنا عبدالواحد المليحي… عن أبي هريرة: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، إقرأوا إنْ شئتم: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فأيّما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه»(2).
* وقال البيضاوي: «(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) في الاُمور كلّها، فإنّه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلاّ بما فيه صلاحهم ونجاحهم، بخلاف النفس، فلذلك أطلق، فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ فيهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها…»(3).
* وقال الزمخشري: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ) في كلّ شيء من اُمور الدين والدنيا و(مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ولهذا أطلق ولم يقيد، فيجب عليهم أنْ يكون أحبّ إليهم من أنفسهم، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، وحقّه آثر لديهم من حقوقها، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها، وأنْ يبذلوها دونه ويجعلونها فداءه إذا أعضل خطب ووقاءه إذا لفحت حرب، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم، ولا ما تصرفهم عنه، ويتّبعوا كلّما دعاهم إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصرفهم عنه…»(4).
* وقال النسفي: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي: أحق بهم في كلّ شيء من اُمور الدين والدنى، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، فعليهم أن يبذلوا نفسه دونه ويجعلوها فدائه»(5).
* وقال النيسابوري: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)والمعقول فيه أنّه رأس الناس ورئيسهم، فدفع حاجته والاعتناء بشأنه أهم… ويعلم من إطلاق الآية أنّه أولى بهم من أنفسهم في كلّ شيء من اُمور الدنيا والدين…»(6).
* وقال جلال الدين المحلّي: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه».
* وقال الخطيب الشربيني ما تقدّم، ثم إنّه علّل أولويّة النبيّ بالتصرف بقوله: «وإنما كان أولى بهم من أنفسهم، لأنه لا يدعوهم إلاّ إلى العقل والحكمة»(7).
أقول:
وإذا ثبت هذا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من الله سبحانه، فقد أثبته هو ـ بأمر من الله ـ لأمير المؤمنين عليه السّلام في يوم غدير خم وغيره، كما سيأتي.

(1) التفسير الوسيط 3 / 459.
(2) معالم التنزيل 4 / 433.
(3) تفسير البيضاوي: 552.
(4) الكشاف 3 / 251.
(5) تفسير النسفي ـ على هامش الخازن 3 / 451.
(6) تفسير النيسابوري ـ على هامش الطبري 12 / 84 .
(7) السراج المنير في تفسير القرآن 3 / 221.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *