كلمة المؤلّف

كلمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله المعصومين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
وبعد..
فإنّ قضيّة استشهاد سيّد الشهداء وسبط رسول اللّه أبي عبداللّه الحسين عليه السلام بكربلاء لها جذور وأسباب وسوابق، ولها آثار وتوابع ولواحق.. وكلّ ذلك بحاجة إلى دراسات عميقة في ضوء المصادر الموثوقة، وقد تناولَتها ـ منذ القرون الأُولى ـ أقلامُ المصنّفين بين منصفين وغير منصفين، وإلى يومنا هذا، وإلى يوم الدين.
فمنهم مَن ألّف في شرح الواقعة وضبط جزئياتها، ومنهم مَن كتب في تحليل أسبابها والتحقيق عن جذورها، ومنهم مَن درس آثارها في الدين وواقع المسلمين..
وكتابنا «مَن هم قتلة الإمام الحسين عليه السلام؟» يتناول جانباً واحداً من السوابق، وجانباً واحداً من اللواحق..
فإنّ ممّا لا شكّ فيه هو تولية معاوية بن أبي سفيان ولدَه يزيد من بعده، وبذله غاية الجهد في تهيئة الأسباب وتصفية الأجواء له، فيكون شريكاً معه في كلّ ما أتى به..
ولكنْ هل كان لمعاوية دورٌ في خصوص قتل الحسين عليه السلام في العراق، بأنْ يكون هو المخطّط للواقعة ويكون ولده المنفّذ لها؟
وإنّ ممّا لا شكّ فيه وجود أنصار لبني أُميّة في كلّ زمان وفي كلّ لباس.. فلمّا رأى هؤلاء أنّ القضية قد انتهت بفضيحة آل أبي سفيان، وأنّه قد لحق العار والشنار للخطّ المناوئ لأهل البيت عليهم السلام إلى يوم القيامة، جعلوا يحاولون تبرئة يزيد وأبيه معاوية واتّهام شيعة الكوفة بأنّهم هم الّذين قتلوا الإمام الحسين عليه السلام، فلماذا يقيمون المآتم عليه ويجدّدون ذكرى الواقعة في كلّ عام؟!
لقد وضعنا هذا الكتاب، لكي نثبت أنّ قتل الإمام الحسين عليه السلام كان بخطّة مدبّرة مدروسة من معاوية بالذات، ثمّ نُفّذت بواسطة يزيد، وبأمر منه وإشراف مستمرّ على يد أنصار بني أُميّة في الكوفة، وساعدهم على ذلك الخوارج.. هذا أوّلا.
وثانياً: إنّ رجالات الشيعة في الكوفة، الّذين كتبوا إلى الإمام عليه السلام واستعدّوا لنصرته، قد شتّتتهم الأيدي الظالمة، بين قتيل مع مسلم بن عقيل، أو سجين، أو مطارَد لم يتمكّن من الحضور بكربلاء، ومن تمكّن منهم استُشهد.
وثالثاً: إنّ الغرض من الدفاع عن يزيد وتبرير جرائمه، ثمّ الإشكال على الشيعة في إقامة المآتم على السبط الشهيد وأصحابه، إنّما هو التحامي عن اللعن والطعن في معاوية والأعلى فالأعلى.
إنّ دراستنا ستكون في ثلاث حلقات على طبق الموضوع، فإنّها تتكوّن من حلقة تتعلّق بما قبل الواقعة، وفيها دور معاوية; وأُخرى تتعلّق بما بعد الواقعة، وهو دور علماء السوء النواصب; وحلقة في الوسط، في دور يزيد، والتحقيق عمّن باشر قتل الإمام عليه السلام ودفع تهمة مشاركة الشيعة في ذلك.
واللّه نسأل أنْ يتقبّل منّا هذا الجهد.
علي الحسيني الميلاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *