رواية بريدة بن الحُصيب

رواية بريدة بن الحُصيب
أخرج أحمد بإسناده عن عبداللّه بن بريدة عن أبيه بريدة قال:
«بعث رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ إلى اليمن بعثين، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد. فقال: إذا التقيتم فعليّ على الناس وإنْ افترقتم فكلّ واحد منكم على جنده. قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، فاصطفى علي امرأة من السّبي لنفسه. قال بريدة:
فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ يخبره بذلك، فلمّا أتيت النبيّ ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ دفعت الكتاب، فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فقلت: يا رسول اللّه هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن اُطيعه ففعلت ما أرسلت به. فقال رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي»(1).
وأخرج الحافظ الطحاوي بإسناده عن عبداللّه بن بريدة عن أبيه قال:
«لم يكن أحد من الناس أبغض إليَّ من علي بن أبي طالب، حتى أحببت رجلاً من قريش لا اُحبه إلاّ على بغضاء علي، فبعث النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ذلك الرجل على خيل، فصحبته وما أصحبه إلاّ على بغضاء على، فكتب إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن ابعث إليه من يخمّسه، فبعث إلينا علياً، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فلما خمّسه صارت الوصيفة في الخمس، ثم خمّس فصارت في أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ثم خمّس فصارت في آل علي، فأتانا ورأسه يقطر، فقلنا: ما هذا؟ فقال: ألم تروا إلى الوصيفة صارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي، ثم صارت في آل علي، وقعت
عليها، فكتب، وبعثني مصدّقاً لكتابه إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بما قال علي.
فجعلت أقرأ عليه ويقول: صدق، وأقرأ ويقول صدق، فأمسك بيدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقال:
أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. فقال: لا تبغضه، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فو الذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.
فما كان أحد بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أحبّ إليّ من عليّ.
قال عبداللّه بن بريدة: واللّه ما في الحديث بيني وبين النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم غير أبي»(2).
وأخرج الحافظ الطبراني بإسناده عن عبداللّه بن بريدة:
«أنّ أباه حدّثه: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد… .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: مَه يا بريدة.
فرفعت رأسي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فإذا وجهه متغيّر… .
قال بريدة: واللّه لا أبغضه أبداً بعد الذي رأيت من
رسول اللّه…»(3).
وأخرج بسند آخر عنه:
«عن أبيه قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليّاً أميراً على اليمن، وبعث خالد بن الوليد على الجبل، فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جاريةً من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها فأخبر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في منزله وناس من أصحابه على بابه. فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خير، فتح اللّه على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: فأخبره فإنّه يسقطه من عين رسول اللّه ـ ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسمع الكلام ـ فخرج مغضباً وقال:

ما بال أقوام ينتقصون عليّاً، من ينتقص عليّاً فقد تنقّصني، ومن فارق علياً فقد فارقني. إن علياً منّي وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم.
يا بريدة: أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنّه وليّكم من بعدي؟!
فقلت: يا رسول اللّه، بالصحبة، ألا بسطت يدك حتى اُبايعك على الإسلام جديداً؟
قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام»(4).
وأخرج الحافظ أبو نعيم بإسناده عن بريدة قال:
«بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى خالد بن الوليد ليقسّم الخمس ـ وقال روح مرّةً: ليقبض الخمس ـ قال: فأصبح علي ورأسه يقطر. قال فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: فلمّا رجعت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرته بما صنع علي، قال: فكنت أبغض عليّاً قال فقال: يا بريدة، أتبغض عليّاً؟ قال قلت: نعم. قال: فلا تبغضه. وقال روح مرةً: فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك…»(5).
وأخرج الحافظ ابن عساكر بإسناده عن عبداللّه بن بريدة عن أبيه قال:
«بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مع علي جيشاً ومع خالد بن الوليد جيشاً إلى اليمن… فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، وأخذ علي امرأةً من ذلك السّبي.
قال: فكتب معي خالد بن الوليد ـ وكنت معه ـ إلى رسول اللّه ينال من علي ويخبره بذلك أن فعل كذا، وأمرني أن أنال منه. فقرأت عليه الكتاب ونلت من علي، فرأيت وجه نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متغيّراً، فقلت: هذا مقام العائذ ]بك، يا رسول اللّه[ بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته فبلّغت ما أرسلت به. فقال: يا بريدة لا تقع في عليّ فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي.
عن عبداللّه بن بريدة، عن أبيه بريدة، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد; فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده. قال ]بريدة[: فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين، فتلنا المقاتلة، وسبينا الذريّة فاصطفى عليّ امرأةً من السّبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم دفعت الكتاب ]إليه[ فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم!!! فقلت: يا رسول اللّه هذا مكان العائذ ]باللّه، يا رسول اللّه[ بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه فبلّغت ما أرسلت به. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا تقع في عليّ فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
عن عبداللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد; كل واحد منهما وحده، وجمعها فقال ]لهما[: وإذا اجتمعتما فعليّ عليكم. قال ]بريدة [فأخذنا يميناً ويساراً، قال: فأخذ عليّ ]جانباً[ فأبعد فأصاب سبياً فأخذ جارية من الخمس، قال بريدة: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعليّ; وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالداً فأخبره أنّه أخذ جارية من الخمس فقال: ما هذا؟ ثم جاء ]رجل[ آخر، ثم أتى آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك فدعاني خالد فقال: يا بريدة قد عرفت الي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأخبره فكتب إليه; فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله وكان كما قال اللّه عزّ وجل لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فتطأطأت رأسي فتكلّمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قطّ إلاّ يوم ]بني [قريضة والنظير، فنظر إليَّ فقال: يا بريدة إن علياً وليّكم بعدي، فأحبّ علياً فإنّه يفعل ما يُؤمر.
قال ]بريدة[: فقمت وما أحد من الناس أحبّ إليَّ منه.
وقال عبداللّه بن عطا]ء[: حدثت بذلك أبا حرب ابن سويد بن غفلة فقال: كتمك عبداللّه بن بريدة بعض الحديث ]وهو[ أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: أنافقت بعدي يا بريدة؟»(6).
وأخرج الحافظ الهيثمي عن بريدة قال:
«بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علياً أميراً على اليمن، وبعث خالد بن الوليد على الجبل فقال: إن اجتمعتما فعلي على الناس، فالتقوا، وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله، وأخذ علي جارية من الخمس، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال: اغتنمها، فأخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما صنع.
فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في منزله، وناس من أصحابه على بابه.
فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟
فقلت: خيراً، فتح اللّه على المسلمين.
فقالوا: ما أقدمك؟
قلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لاُخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
فقالوا: فأخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنه يسقط من عين النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسمع الكلام، فخرج مغضباً فقال: ما بال أقوام ينتقصون علياً، من تنقص علياً فقد تنقصني، ومن فارق علياً فقد فارقني، إن علياً مني وأنا منه، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم.
يا بريدة، أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وإنه وليكم بعدي؟
فقلت: يا رسول اللّه، بالصحبة إلاّ بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديداً.
قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام»(7).
وأخرج الحافظ الصالحي الدمشقي عن بريدة قال:
«أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ إبعث إلينا من يخمّسه، وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي، فبعث رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ عليّاً إلى خالد يقبض منه الخمس. وفي رواية: لتقسيم الفئ. فقبضه منه، فخمّس وقسّم، واصطفى علي سبيّة، فأصبح وقد اغتسل ليلاً، وكنت أبغض علياً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من قريش لم أحببه إلاّ ببغضه عليّاً، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية: فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تر إلى الوصيفة فإنّها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمّد، ثم في آل علي، فواقعت بها.
فلمّا قدمنا على رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ذكرت له ذلك. وفي رواية: فكتب خالد إلى رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ بذلك. فقلت: إبعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق. فإذا النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ قد احمّر وجهه، فقال: من كنت وليّه فعليّ وليّه. ثم قال: يا بريدة أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك.
وفي رواية: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحب إليَّ من علي»(8).

(1) مسند أحمد 5 / 356.
(2) مشكل الآثار 4 / 160 ـ 161.
(3) المعجم الأوسط 6 / 353، رقم: 5752.
(4) المعجم الأوسط 7 / 49.
(5) معرفة الصحابة 3 / 163.
(6) تاريخ دمشق 42 / 190 ـ 191.
(7) مجمع الزوائد 9 / 127 ـ 129.
(8) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 11 / 295 ـ 296.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *