كلامه في مقدّمة البحث

كلامه في مقدّمة البحث
وإذ عرفت في الفصول السابقة موجز الكلام حول تواتر حديث الثقلين فضلا عن صحته، بعد أن وقفت على طائفة من ألفاظه المعتبرة المشتملة على الأمر بالتمسّك بالكتاب والعترة، والتأكيد على أنّ الأمة لن تضلّ ما دامت متمسّكةً بهما ومنقادةً لهما وآخذةً عنهما، والتأكيد على أنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض… .
إذا عرفت ذلك… فلننظر فيما ذكره الدكتور السّالوس في بحثه حول هذا الحديث الشريف وفقهه… .
وقد جعل الدكتور بحثه في فصلين: «الفصل الأول: الروايات من كتب السُنّة» وهذا الفصل يبدأ من الصفحة رقم ـ 9 ـ الى الصفحة ـ 33 ـ . ثم «الفصل الثاني: فقه الحديث» من الصفحة (34) إلى الصفحة (40).
وقد ذكر قبل الفصل الأول:
«الحديث ومنهج الدراسة» جاء فيه:
«يطلق الثقلان على الجن والإنس، قال تعالى في سورة الرحمن (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ). غير أنّ هذا المعنى ليس المراد هنا، وإنّما المراد: القرآن الكريم وعترة رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه ]وآله[(1)وسلّم ـ والثقلان مثنّى ثقل ـ بفتحتين ـ أي: الشيء النفيس الخطير. والمقصود بحديث الثقلين: ما يروى عن الرسول ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ أنه ترك بعده كتاب اللّه المجيد وأهل بيته الأطهار. قال الإمام النووي: قال العلماء: سمّيا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما. وقيل: لثقل العمل بهما والحديث اختلفت أسانيده وتنوّعت متونه».
أقول:
سنتكلّم عن المراد بالثقلين، وعن معنى هذه الكلمة، في الباب الثاني حيث نبحث عن «فقه الحديث».
وليس المقصود بحديث الثقلين «ما يروى عن الرّسول»!! وإنّما هو حديث مقطوع بصدوره عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، رواه عنه من أصحابه من عرفت، ورواه عنهم التابعون، ثم رواه الأئمة والحفّاظ في مختلف القرون، كما عرفت أنّ النبي ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ قد كرّر هذا الكلام مرّةً بعد أخرى، لا سيّما في أواخر حياته الكريمة، وفي زمن قصير، إذ لم يكن بين موقفه في يوم عرفة وبين وفاته ثلاثة أشهر… وسيأتي مزيد بيان لهذا في «فقه الحديث».
وأمّا قوله: «والحديث اختلفت أسانيده وتنوّعت متونه» فاعتراف بالحقيقة، فأسانيده كثيرة جداً، ومتونه المتنوّعة يجمعها الوصيّة بالكتاب والعترة ووجوب اتّباعهما وامتثال أوامرهما ونواهيهما… كما ستعرف ذلك.
قال:
«وصدر في القاهرة مؤخَّراً كتاب عنوانه حديث الثقلين، ذكر مؤلّف الكتاب أنه ينقل الأخبار الصحيحة الموقوفة المنسوبة إلى أصحابها ورواتها. ونشرت الكتاب جهة علميّة أيّدت قول المؤلّف. نظرت في الكتاب فوجدته…».
أقول:
هذا الكتاب الصّادر في القاهرة بالعنوان المذكور، إنما ألّف في سنة (1370) ونشر في القاهرة في سنة (1374) أي قبل أن ينشر «الدكتور» كتابه بأكثر من (30) سنة، فهل يعبّر عن هذا الزّمان بـ«مؤخَّراً»؟!
ثم لماذا لم يذكر «الجهة العلميّة» التي نشرت الكتاب وأيّدته؟
وإذا كان «الدكتور» يحاول كتم اسم «الجهة العلميّة» التي أيّدت قول مؤلّف كتاب (حديث الثقلين) المطبوع الموجود بين أيدي الناس، فما ظنّك به في المسائل العلميّة، والقضايا الدقيقة؟
نعم، هذا الكتاب ألّفه العلاّمة الشيخ قوام الدين الوشنوي، ونشرته وأيّدته (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) في القاهرة، والعلماء الأعلام أصحاب مجلّه (رسالة الإسلام)… .
يقول الدكتور:
«رأيت أن أتتبع روايات هذا الحديث الشريف في كتب السنّة قدر الاستطاعة، وأجمع كلّ الروايات».
لكنّه لم يتطرّق إلاّ لرواياته في (صحيح مسلم) و (مسند أحمد) و (صحيح الترمذي) و (المستدرك على الصحيحين) مع وجوده في عشرات الكتب غيرها.. وهذا ليس ببعيد ممّن يكتم إسم «الجهة العلمية» التي اعترفت بالحق!!
أللهم إلاّ أن يكون لقصرباعه الذي عبّر عنه بـ«قدر الاستطاعة»!!

(1) نضيف في كلّ مورد من موادر الصّلوة والتسليم ]وآله[ عطفاً على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لأنّ النبي هو أمرنا بذلك في الأحاديث المتفق عليها، لكن بعض من ينتسب إلى السنّة ويجعل نفسه من أهلها يلتزم بمخالفة هذه السنة الثابتة عنه لدى الفريقين!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *