النظر في رأي الدكتور في كلام للترمذي

النظر في رأي الدكتور في كلام للترمذي
وقال الدكتور: «وذكر الترمذي روايةً عن أُمّ سلمة وفيها: «وأنا معهم يا نبي اللّه؟ قال: أنت على مكانك، وأنتِ إلى خير» ثم عقب على الحديث بقوله: «إنه غريب»(1).
وفي أبواب العلل يتحدّث عن «الغريب» فيقول:
«أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان: رب حديث يكون غريباً لا يروى إلاّ من وجه واحد. ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث، وانما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه.. ورب حديث يروى من أوجه كثيرة وانما يستغرب لحال الإسناد.
ومعنى الحديث يتّفق مع ما جاء في صحيح مسلم. فلعل الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة».
أقول:
هذا كلام الدكتور، ولقد أتعب نفسه!! ولكن هنا مؤاخذات وملاحظات:
أوّلا: الشيعة يستندون إلى جميع الأحاديث الواردة في الباب، وعمدتها ثلاث طوائف وهي:
1 ـ حديث الكساء وأنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين فقط معه، ولم يدخل غيرهم.. كالحديث عن عائشة في صحيح مسلم وغيره.
2 ـ حديث مروره صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ببيت فاطمة وقوله مخاطباً أهله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)، كالحديث عن أنس وأبي الحمراء وغيرهما.
3 ـ حديث طلب زوجته الدخول معه، كعائشة حيث قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لها «تنحّي فإنك على خير»… أخرجه ابن كثير وغيره، وكأمّ سلمة، وهو الحديث المشهور عنها.
فقول الدكتور: «الشيعة يستندون في استدلالهم على ما روي عن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة» غير صحيح.
وثانياً: لم يذكر «الدكتور» نصّ كلام الترمذي في كتاب المناقب، وهذه عبارته بعد الحديث: «وفي الباب عن: أُمّ سلمة، ومعقل بن يسار، وأبي الحمراء، وأنس. قال: وهذا حديث غريب من هذا الوجه».
فأسقط منه جملة: «وفي الباب» و «من هذا الوجه»!
وثالثاً: لقد أورد الترمذي هذا الحديث وبنفس السند في (كتاب تفسير القرآن) وقال هناك بعده: «هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة» فأوضح هناك قوله «من هذا الوجه» في كتاب المناقب، وبذلك يتّضح أن الاستغراب ليس «لزيادة تكون في الحديث» كما توهّم الدكتور.
ورابعاً: على أنّ الترمذي قال: «وإنها تصحّ إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه» وحديثنا من هذا القبيل.
وخامساً: إن التعبير بالزيادة إنّما يصحّ فيما إذا علمنا بأنّ الذين رووا الحديث بدونها لم ينقصوا من الحديث، أمّا إذا احتملنا بأن الجملة من صلب الحديث ـ ومن لم يروها فقد أسقطها متعمّداً أو لم تصل اليه بطريق معتبر عنده ـ لم يصح التعبير بالزيادة… فقول الدكتور: «فلعلّ الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة» فيه نظر.
وسادساً: وبغضّ النظر عن كلّ الوجوه ـ فإنّ الترمذي أخرج الحديث في (صحيحه) في مناقب فاطمة ونصّ بعده قائلا: «هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وفي الباب عن…» كما نقلناه في محلّه سابقاً، ولذا صرّح غير واحد من الحفاظ كالذهبي بأنّ الترمذي أخرج هذا الحديث وصحّحه.
فلماذا يغفل الدكتور هذه الرّواية، ويضع يده على التي قال في سندها: «غريب من هذا الوجه»؟! أهكذا يكون البحث والتحقيق؟! يا منصفون؟!

(1) في الهامش: كتاب المناقب من سننه، باب مناقب أهل بيت النبي «ص».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *