الخروج عن البحث، و الإباء عن الإقرار بالحقّ

الخروج عن البحث، و الإباء عن الإقرار بالحقّ
وهذا أيضاً ممّا يلوح للناظر في كتابه بكثرة:
* فمثلا: قال العلاّمة طاب ثراه: «الرابع عشر ـ من مسند أحمد ابن حنبل، وفي الصحاح الستّة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من عدّة طرق: إنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي، لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ…»(1).
فانظر إلى كلام الفضل في جوابه: «اتّصال النبيّ بعليٍّ في النسب، وأُخوّة الإسلام، والنصرة والمؤازرة، غير خفيّ على أحد، ولا دلالة على النصّ بخلافته، لأنّ مثل هذا الكلام قال رسول اللّه لغير عليٍّ، كما ذُكر أنّه قال: الأشعريّون إذا قحطوا أرملوا، أنا منهم وهم منّي; ولا شكّ أنّ الأشعريّين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء، فلا يكون هذا نصّاً»(2).
أقول:
وهكذا عارض الفضل حديث الصحاح الستّة وغيرها بحديث رووه في الأشعريّين… .
ألا يعلم الفضل عدم ورود جملة «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي» في حقّ أحد غير عليٍّ عليه السّلام؟!
ألا يعلم عدم ورود جملة «لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ» في حقّ أحد سواه؟!
هذا، وقد جاءت جملة: «إنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ» متعقَّبةً بهاتين الجملتين، لتدلّ على معنىً غير المعنى المراد منها في حديث الاشعريّين إن صحّ… .
وكلّ هذه الأُمور يعلمها الفضل، لكنّه يخرج عن البحث فراراً من الإقرار بالحقّ!
* وكذلك تجده يأبى الإقرار بالحقّ في مسألة أشجعيّة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فالعلاّمة رحمه اللّه يقول: «أجمع الناس كافّة على إنّ عليّاً عليه السّلام كان أشجع الناس بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم…»(3).
وهل في هذا كلام لأحد حتّى لا يعترف الفضل بالأشجعيّة، بل يقول: «شجاعة أمير المؤمنين أمر لا ينكره إلاّ من أنكر وجود الرمح السماك في السماء…»(4).
* وكذلك في آية التطهير وحديث الكساء، فالعلاّمة رحمه اللّه ينقل عن مسند أحمد والجمع بين الصحاح الستّة عن أُمّ سلمة… ثمّ يقول: «وقد روي نحو هذا المعنى من صحيح أبي داود وموطّأ مالك وصحيح مسلم في عدّة مواضع وعدّة طرق»(5).
فإن كان العلاّمة كاذباً ـ والعياذ باللّه ـ فليردّ عليه الفضل بعدم وجود الحديث في الصحاح، وإن كان صادقاً في النقل فليعترف بالحقّ… لكنّه يقول:
«إنّ الأُمّة اختلفت فيها أنّها في من نزلت، وظاهر القرآن يدلّ على إنّها نزلت في أزواج النبيّ; وإن صدقَ في النقل عن الصحاح فكانت نازلة في آل العبا، وهي من فضائلهم، ولا تدلّ على النصّ بالإمامة»(6).
فلماذا هذا العناد؟!

(1) نهج الحقّ: 218، وانظر: دلائل الصدق 2 / 420.
(2) دلائل الصدق 2 / 420.
(3) نهج الحقّ: 244، وانظر: دلائل الصدق 2 / 535.
(4) دلائل الصدق 2 / 535.
(5) نهج الحقّ: 228 ـ 229، وانظر: دلائل الصدق 2 / 480.
(6) دلائل الصدق 2 / 480.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *