السّنة
والأخبار في معنى الصّحف والكتب، والتّأكيد عليها كثيرةٌ، ننقل هنا بعضها:
1 ـ قال سيّدنا ومولانا عليّ بن الحسين سيد السّاجدين عليه الصّلاة والسّلام ـ في دعاء له ـ : «اللّهمّ يسّر على الكرام الكاتبين مئونتنا، واملأ لنا من حسناتنا صحائفنا، ولا تخزنا عندهم بسوء أعمالنا»(1).
2 ـ وقال عليه السّلام أيضاً في دعاء له بعد كلام: «حتّى ينصرف عنّا كتّاب السّيئات بصحيفة خالية من ذكر سيّئاتنا، ويتولى كتّاب الحسنات عنّا مسرورين بما كتبوا من حسناتنا».(2)
3 ـ وعنه عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصّلاة والسّلام في بعض خطبه: «… ثمّ من دون ذلك أهوال القيامة، ويوم الحسرة والنّدامة، يوم ينصب فيه الموازين وتنشر الدّواوين لإحصاء كلّ صغيرة، وإعلان كلّ كبيرة، يقول اللّه في كتابه (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا…)(3).
أيها النّاس الآن الآن مادام الوثاق مطلقاً، والسّراج منيراً، وباب التوبة مفتوحاً من قبل أن يجفّ القلم و تطوى الصّحف، فلا رزق ينزل، ولا عمل يصعد، المضمار اليوم والسّباق غداً، فإنّكم لا تدرون إلى جنة، أو إلى نار، أستغفروا اللّه لي ولكم»(4).
4 ـ وقال سيدنا ومولانا الإمام الباقر محمّد بن عليّ عليهما السّلام في قوله تعالى: (وَكُلَّ إِنسان أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ) قال: «خيره وشرّه معه حيث كان، لا يستطيع فراقه حتّى يعطى كتابه يوم القيامة بما عمل»(5).
5 ـ وقال سيدنا ومولانا الصّادق عليه الصّلاة والسّلام في قوله تعالى: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا)(6): «يذّكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتّى كأنّه فعله تلك السّاعة فلذلك قالوا: (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلاّ أَحْصاها)»(7).
6 ـ وعنه عليه السّلام أنّه قال: «إنّ اللّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه وبينه، فيقول: عبدي فعلت كذا وكذا، وعملت كذا وكذا، فيقول: نعم، يا ربّ قد فعلت ذلك.
فيقول: قد غفرتها لك، وأبدلتها حسنات، فيقول النّاس: سبحان اللّه أما كان لهذا العبد سيئة واحدة؟ وهو قول اللّه عزّوجلّ: (فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ * فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُورًا).
وإذا أراد بعبد شرّاً حاسبه على روؤس الناس وبكته، وأعطاه كتابه بشماله وهو قول اللّه عزّوجلّ: (وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُورًا * وَيَصْلى سَعيرًا * إِنَّهُ كانَ في أَهْلِهِ مَسْرُورًا…)(8).
وفيه إشارة إلى أن أيدي الكفّار والمنافقين مغلولة في أعناقهم، وأنّ صحائفهم تعطى من وراء أظهرهم بشمالهم، وأيدي المؤمنين بخلاف ذلك.
وإلى ذلك أشير أيضاً في دعاء الوضوء بقوله: «الّلهمّ أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري، وحاسبني حساباً يسيراً، وقوله: الّلهمّ لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولةً إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النّيران»(9).
7 ـ وعن سيدنا الباقرعن أبيه عليهما السّلام أنّه قال: «إنّ الملك الموكل بالعبد يكتب في صحيفته أعماله، فأملوا في أوّلها خيراً وفي آخرها خيراً، يغفر لكم ما بين ذلك»(10).
8 ـ عن خالد بن نجيح عن أبي عبداللّه عليه السّلام قال: «إذا كان يوم القيامة، دفع إلى الإنسان كتابه، ثمّ قيل له: إقرأ.
قلت: فيعرف ما فيه؟
فقال: إنّ اللّه يذكره، فما من لحظة، ولا كلمة، ولا نقل قدم، ولا شيء فعله إلاّ ذكره، كأنّه فعله تلك السّاعة، فلذلك قالوا: (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلاّ أَحْصاها)».(11)
9 ـ وقال الشّيخ عليّ بن إبراهيم القمّي رحمه اللّه في قوله تعالى: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ)، قال: «صحف الأعمال»(12).
10 ـ عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله وسلّم، أنّه قال: «يحشر الناس حفاة عراة.
فقالت أمّ سلمة: كيف بالنّساء؟
فقال: شغل النّاس يا أمّ سلمة.
فقالت: وما شغلهم؟
قال: نشر الصّحف، وفيها مثاقيل الذّر، ومثاقيل الخردل»(13).
وهناك رواياتٌ أخرى(14)، وقد يأتي بعضها في المبحث الآتي إن شاء اللّه.
(1) الصّحيفة السّجادية: 50، دعاؤه عليه السّلام عند الصّباح والمساء، والبحار 94 / 307 اليوم التّاسع والعشرون.
(2) الصّحيفة السّجادية: 63 دعاؤه عليه السّلام بخواتم الخير.
(3) سورة الكهف، الآية: 49.
(4) مجموعة الشّيخ ورّام 2 / 89 ، وأمالي الطّوسي: 685 مجلس يوم الجمعة، الرّابع عشر من شعبان، الرّقم 9، والبحار 74 / 377.
(5) تفسير القمّي 2 / 17، والبحار7 / 312، الباب 16، الرّقم 1.
(6) سورة الإسراء، الآية: 14.
(7) تفسير العياشي 2 / 284، الرّقم 33 و 328، الرّقم 18، والبحار 7 / 314 ـ 315، الباب 16، الرّقم 9.
(8) حقّ اليقين 2 / 172 عن كتاب الزّهد للحسين بن سعيد الأهوازي: 92، الرّقم 246، والبحار 7 / 324 ـ 325، الرّقم 17.
(9) أمالي الصّدوق: 649 المجلس الثّاني والثّمانون، الرّقم 11، والبحار 77 / 319، الرّقم 12، والوسائل 1 / 402، الرّقم 1.
(10) أمالي المفيد: 2 المجلس الأوّل يوم السّبت، وأورد عنه السيّد علي بن طاوس في كتاب محاسبة النّفس: 15 وفيه: في صحيفة أعماله فاعملوا…، وأورده أيضاً في الفصل الثاني والعشرين من كتاب فلاح السّائل: 215، وفيه: فاملئوا… والبحار 5 / 328 ـ 329 الباب 17، الرّقم 25.
(11) تفسير العياشي2 / 328، الرّقم 34، والبحار7 / 315 الباب 16، الرّقم 10.
(12) تفسيرالقمّي 2 / 407، والبحار 7 / 108 و 312.
(13) تفسير جوامع الجامع 4 / 449 و 619.
(14) منها: روى السّيد البحراني عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: الكتب كلّها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة بعث اللّه تعالى ريحاً تطيرها بالأيمان والشّمائل أوّل حرفه: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا).