رواية ابن عباس
أخرج أبو داود الطيالسي بإسناده عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس:
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال لعلي: أنت وليّ كلّ مؤمن من بعدي»(1).
وهذا قطعة من حديث طويل أخرجه أحمد بإسناده بتمامه عن عمرو بن ميمون قال:
«إني لجالس إلى ابن عبّاس، إذْ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أنْ تخلونا من هؤلاء. قال فقال ابن عباس: بل أقوم، معكم. قال ـ وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال: فانتدوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا. قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أُف وتف! وقعوا في رجل له عشر:
وقعوا في رجل قال له النبيّ ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ : لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه اللّه أبداً يحبّ اللّه ورسوله. قال: فاستشرف لها من استشرف. قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحل يطحن. قال: وما كان أحدكم ليطحن؟ قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه، ثم هزَّ الرّاية ثلاثاً فأعطاها إيّاه، فجاء بصفيّة بنت حيي.
قال: ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه، قال: لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه.
قال: وقال لبني عمّه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال ـ وعلي معه جالس ـ فأبوا، فقال علي: أنا اُواليك في الدنيا والآخرة. قال: أنت وليي في الدنيا والآخرة قال: فتركه. ثم أقبل على رجل رجل منهم فقال: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال علي: أنا اُواليك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.
قال: وأخذ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال: إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.
قال: وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبيّ ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ثم نام مكانه قال: وكان المشركون يرمون رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فجاء أبو بكر وعلي نائم. قال: وأبو بكر يحسب أنّه نبي اللّه. قال فقال: يا نبيَّ اللّه! قال فقال له علي: إنّ نبيّ اللّه قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبيّ اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ وهو يتضوّر، قد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه. فقالوا: إنّك للئيم، كان صاحبك نرميه فلا يتضوّر وأنت تتضور، وقد استنكرنا ذلك!
قال: وخرج بالنّاس في غزوة تبوك قال فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال له نبيّ اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لا. فبكى علي. فقال له: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنك لست بنبيّ! إنّه لا ينبغي أنْ أذهب إلاّ وأنت خليفتي.
قال: وقال له رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ : أنت وليي في كلّ مؤمن بعدي.
قال: وسدّ أبواب المسجد غير باب علي قال: فيدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره.
قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي.
قال: وأخبرنا اللّه عزّ وجلّ في القرآن أنّه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فهل حدّثنا أنّه سخط عليهم بعد؟
قال: وقال نبيّ اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لعمر حيث قال: أئذن لي فلأضرب عنقه قال: وكنت فاعلاً! وما يدريك؟ لعلّ اللّه قد اطّلع على أهل بدر فقال: إعملوا ما شئتم»(2).
(1) مسند الطيالسي: 360، رقم 2752.
(2) مسند أحمد 1 / 330 ـ 331.