هذا النسخ مستحيل أو ممنوع شرعاً
قالوا: بأنّ النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب، أحدها: ما نسخ لفظه وبقي حكمه. والثاني: ما نسخ لفظه وحكمه معاً. والثالث: ما نسخ حكمه دون لفظه. وقد مثّلوا للضرب الأوّل بآية الرجم. فقال ابن حزم: «فأما قول من لا يرى الرجم أصلاً فقول مرغوب عنه، لأنه خلاف الثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وقد كان نزل به قرآن، ولكنه نسخ لفظه وبقي حكمه»(1).
ومثّلوا للثاني بآية الرضاع عن عائشة: كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس رضعات يحرمن، فتوفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهن مما يقرأ من القرآن. رواه الشيخان. وقد تكلّموا في قولها: (وهن مما يقرأ) فإن ظاهره بقاء التلاوة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله(2).
قال الشوكاني: «منع قوم من نسخ اللّفظ مع بقاء حكمه، وبه جزم شمس الدين السرخسي، لأنّ الحكم لا يثبت بدون دليله»(3). وحكى الزرقاني عن جماعة في منسوخ التلاوة دون الحكم: إنه مستحيل عقلاً، وعن آخرين منع وقوعه شرعاً(4).
(1) المحلى 11 / 234.
(2) أنظر: المحلّى 11 / 234.
(3) إرشاد الفحول: 189 ـ 190، أصول السرخسي 2 / 78.
(4) مناهل العرفان 2 / 112.