حديث الغدير
لقد قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعد أنْ نودي بالصّلاة وصلّى بالناس صلاة الظهر:
«أيّها الناس، قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلاّ نصف عمر الذي قبله، وإنّي أُوشك أنْ أُدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون.
فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجهدت. فجزاك اللّه خيراً.
قال: ألستم تشهدون أنْ لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ، وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور؟
قالوا: نشهد بذلك.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثم قال: أيّها الناس ألا تسمعون؟
قالوا: نعم.
قال: فإنّي فرط على الحوض، وأنتم واردون عَلَيَّ الحوض، وإنَّ عرضه ما بين صنعاء وبصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضّة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
قيل: وما الثقلان يا رسول اللّه؟
قال: الثقل الأكبر كتاب اللّه، طرف بيد اللّه عزّ وجلّ وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به لا تضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرقا حتى يردا عَلَيَّ الحوض. فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثم أخذ بيد عليّ فرفعهما وعرفه القوم أجمعون. فقال:
أيّها الناس، من أوْلى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: اللّه ورسوله أعْلم.
قال: إنّ اللّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم. فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قالها ثلاث مرّات.
اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. وأدر الحقّ معه حيث دار.
ألا فليبلّغ الشاهدُ الغائبَ»(1).
(1) من رواة حديث الغدير: محمّد بن إسحاق، عبدالرزّاق، الشافعي، أحمد بن حنبل، البخاري في تاريخه، الترمذي، ابن ماجة، البزّار، النسائي، أبو يعلى، الطبري، البغوي، ابن حبّان، الطبراني، الدارقطني، الحاكم، ابن مردويه، أبو نعيم، البيهقي، ابن عبدالبرّ، الخطيب، الزمخشري، ابن عساكر، ابن الأثير، الضياء المقدسي، المحبّ الطبري، المزي، الذهبي، ابن كثير، ابن حجر العسقلاني، السيوطي… وقد بحثنا عن هذا الحديث سنداً ودلالةً في الأجزاء: 6 ـ 9 من كتابنا الكبير (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار).