بسم اللّه الرحمن الرحيم
المقدّمة
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
وبعد، فإنّ من القواعد المقرّرة للبحث عن كلّ مسألة مختلف فيها، أنْ يستدلّ كلّ من أطراف النزاع بما يوافق عليه الطّرف الآخر ويلتزم به… أو أنْ يطرح البحث وتتم المناظرة ضمن إطار معيّن وعلى أسس يتفّق عليها الطرفان أو الأطراف… .
وهكذا كان ـ ولا يزال ـ دأب علماء الإماميّة تجاه الفرق الإسلاميّة في شتّى المسائل الخلافية… من كلاميّة وفقهيّة… وفي موضوع الإمامة والخلافة بالذّات… .
وفي خصوص حديث الغدير… تجد كتبهم مشحونةً بروايات أهل السنّة… ينقلون الحديث عن أهمّ أسفارهم المعتبرة بالأسانيد والطرق، ويستندون في مجال إثبات دلالته على معتقدهم بكلمات أشهر علمائهم… حتى لو توقّف الاستدلال على تعيين مفهوم لفظ احتجّوا بما قاله اللغويّون من أهل السنّة… .
لكن هذا الأسلوب الرصين… قد يورث الشبهة في بعض الأذهان السّاذجة… أو يحمل بعض المتعصّبين على تجاهل الحقيقة… فيقول كما قال ابن روزبهان في الرّد على العلاّمة الحلّي رحمه اللّه:
«والعجب أنّ هذا الرّجل لا ينقل حديثاً إلاّ من جماعة أهل السنّة، لأنّ الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار، فهو في إثبات ما يدّعيه عيال على كتب أهل السنّة».
فكان مقال «حديث الغدير في رواية أهل البيت عليهم السلام» يتضّمن ـ بإيجاز ـ رواية حديث الغدير، بأسانيد شيعيّة، عن كتب علماء مجتهدين… ليعلم:
إنّ الشيعة لهم كتاب، ولهم رواية، ولهم علماء مجتهدون، وأنّهم ليسوا في إثبات ما يدّعونه عيالا على كتب أهل السنّة… .
وليعلم أيضاً:
1 ـ إنّ حديث الغدير متفّق عليه بين المسلمين… وحتّى أنّهم ـ شيعةً وسنّة ـ مشتركون في نقل بعض رواياته بالسنّد واللّفظ الواحد… .
2 ـ إنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام وعلماء شيعتهم اهتمّوا بحديث الغدير، وبذلوا غاية الجهد في سبيل نشره… .
3 ـ إنّ في «حديث الغدير في رواية أهل البيت عليهم السلام» نكات وفوائد أغفلها أو أهملها الرواة من أهل السنّة… .
ونحن نسرد نصوص الأحاديث المنتخبة من المصادر الشيعيّة الأوّلية، تحت عناوين، وننبّه على بعض النقاط: