أثر علم الكلام في التشيّع:
وكما ذكرنا.. فإنّه إذا كان الاستدلال منطقياً والبحث سليماً، وكانت الأدلّة مستندة إلى ما لا محيص عن قبوله والتسليم به، فلا شكّ في تأثيره في القلوب الطالبة للحقّ، والمحبّة للخير والفلاح… وهذا هو السرّ في الأمر بالجدل بالتي هي أحسن… .
وقد كان الجدل بالتي هي أحسن من أُولى الطرق والأساليب التي سلكها الأنبياء والأوصياء وسائر المصلحون في هداية البشرية إلى الصراط المستقيم.
وبالفعل.. فقد كان لعلم الكلام والجدل الصحيح، المستند إلى الكتاب والسُنّة والعقل والحجج المعتبرة المقبولة، الأثر البالغ في تقدّم مذهب الإمامية وتشيّع الأُمم… .
فهناك المئات من الناس في مختلف البلدان تشيّعوا ببركة كتاب المراجعات لآية اللّه السيّد عبدالحسين شرف الدين قدّس سرّه.
وتلك قصّة العلامة الحلّي وتشيّع أُمّة بكاملها على أثر مناظرة واحدة قام بها مع كبار علماء عصره من أهل السُنّة في البلاد الإيرانية.
وتشيّع بلاد جبل عامل كان على يد أبي ذرّ الغفاري رضي اللّه عنه، كما يحدّثنا كبار علماء المنطقة(1).
فظهر ـ بهذا المختصر ـ ما في قول القائل، وهو يتهجّم على علم الكلام: «لم يتشيّع سُنّي إلاّ على مستوى الأفراد والقناعات»(2).
(1) أمل الآمل في علماء جبل عامل 1 / 13، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 351.
(2) مجلّة الغدير، العددان 8 ـ 9، الصفحة 90.