إمامة أبي بكر لم تكن بالشورى
وتوفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وآل أمر الخلافة والإمامة إلى ما آل إليه، لقد تفرّق الناس بعد رسول اللّه، وبدأ الإختلاف والإفتراق بين الأُمّة.
توفي رسول اللّه وبقيت جنازته على الأرض، طائفة من المهاجرين والأنصار في بيوتهم، وبعضهم مع علي حول جنازة رسول اللّه، وبعض الأنصار اجتمعوا في سقيفتهم، ثمّ التحق بهم عدد قليل من المهاجرين، فوقع هناك ما وقع، وكان ما كان، وأسفرت القضية عن البيعة لأبي بكر، ولم يدّع أحد أنّ هذه البيعة كانت عن طريق الشورى، ولم يكن هناك ـ في السقيفة ـ أيّ شورى، بل كان الصياح والسبّ والشتم، والتدافع والتنازع، حتّى كاد سعد بن عبادة ـ وهو مسجّى بينهم ـ يموت أو يقتل بين أرجلهم.
وحينئذ، جاء عنوان البيعة إلى جنب عنوان النص، فإذا راجعتم الكتب الكلاميّة عند القوم قالوا: بأنّ الإمامة تثبت إمّا بالنص وإمّا بالبيعة والاختيار. عندما تحقق هذا الشيء وبهذا الشكل، جعلوا الاختيار والبيعة طريقاً لتعيين الإمام كالنص.
أمّا عنوان الشورى فلم يتحقّق في السقيفة أصلاً، ولم نسمع من أحد أن يدّعي أنّ القضيّة كانت عن طريق الشورى، وأنّ إمامة أبي بكر ثبتت عن هذا الطريق، لا يقوله أحد ولو قاله لما تمكّن من إقامة الدليل والبرهان على ما يقول.
وكما ذكرت في البحوث المفصّلة المنتشرة، حتّى في قضيّة أبي بكر، عندما فشل القوم ولم يتمكّنوا من إثبات إمامته عن طريق البيعة والاختيار، حيث ادّعوا الإجماع على إمامته ولم يتمكّنوا من إثبات ذلك، عادوا واستدلّوا لإمامة أبي بكر بالنص، وقد أوردنا بعض الأحاديث وآية أو آيتين، يستدلّون بها على إمامة أبي بكر، مع الجواب عنها في موضع آخر بالتفصيل.
وحينئذ، يظهر أنّ البيعة والاختيار أيضاً لا يمكن أن يكون دليلاً على ثبوت إمامة وتعيين إمام.