حديث أسباط في الاستسقاء
(ومنها) ما أخرجه ـ بعد رواية ابن مسعود ـ في استسقاء الكفّار: عن مسروق قال:
«أتيت ابن مسعود فقال: انّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام، فدعا عليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، فجاء أبو سفيان فقال: يا محمّد، جئت تأمر بصلة الرحم، وانّ قومك قد هلكوا، فادع الله، فقرأ: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَان مُّبِين) الآية. ثمّ عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله تعالى: (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى) يوم بدر ـ:
وزاد أسباط عن منصور: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسقوا الغيث، فأطبقت عليهم سبعاً، وشكا الناس كثرة المطر فقال: اللّهمّ حوالينا ولا علينا، فانحدرت السحابة عن رأسه، فسقوا الناس حولهم»(1).
وقد تكلّم الأئمة في هذه الزيادة:
قال العيني: «واعترض على البخاري بزيادة أسباط هذا.
فقال الداودي: أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط.
وقال أبو عبد الملك: الذي زاده أسباط وهم واختلاط، لأنّه ركّب سند عبد الله بن مسعود على متن حديث أنس بن مالك، وهو قوله: فدعا رسول الله فسقوا الغيث. إلى آخره.
وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي وقال: حديث عبد الله بن مسعود كان بمكة، وليس فيه هذا.
والعجب من البخاري كيف أورد هذا وكان مخالفاً لما رواه الثقات؟
وقد ساعد بعضهم البخاري بقوله: لا مانع أن يقع ذلك مرّتين.
وفيه نظر لا يخفى.
وقال الكرماني: فان قلت: قصّة قريش والتماس أبي سفيان كانت في مكة لا في المدينة. قلت: القصة مكيّة، الاّ القدر الذي زاد أسباط، فانّه وقع في المدينة»(2).
(1) صحيح البخاري 2:74ـ75.
(2) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري 7:27ـ29.