حديث خطبة بنت أبي جهل
(ومنها) ما أخرجه البخاري: من أنّ أميرالمؤمنين عليه السّلام خطب بنت أبي جهل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي حياة الصدّيقة الطاهرة… في قضيّة موضوعة مكذوبة… قال:
«حدّثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، ثني علي بن حسين: أنّ المسور بن مخرمة قال: انّ عليّاً خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يزعم قومك أنّك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد، فانّي أنكحت أبا العاص ابن الربيع فحدّثني وصدقني وانّ فاطمة بضعة منّي وانّي أكره أن يسوءها، والله لا يجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله عند رجل. فترك علي الخطبة»(1).
فانّ هذا الحديث فيه ذمّ ومنقصه، ولا يصدّق به مؤمن أبداً، وكيف يمكن صدوره من رسول الله صلّى الله عليه وآله، وقد كان يعلن منذ بدء الإسلام الى ساعة وفاته عن فائل أميرالمؤمنين ومناقبه ويشيعها بين الناس؟
وقد اعترف بعض أئمّة القوم بدلالته على الذم، فذا ابن حجر يقول بشرحه:
«ولا أزال أتعجّب من المسور كيف بالغ في ]تغضيبه[ لعليّ بن الحسين، حتى قال انّه أودع عنده السيف لا يمكن أحداً منه حتّى تزهق روحه، رعاية لكونه ابن فاطمة، ولم يراع خاطره في أنّ ظاهر سياق الحديث غضاضة على عليّ بن الحسين، لما فيه من ايهام غضّ من جدّه عليّ بن أبي طالب، حيث أقدم على خطبة بنت أبي جهل على فاطمة، حتى اقتضى من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ذلك من الإنكار ما وقع»(2).
وقد ذكر الدهلوي صاحب (التحفة) خبر الكلام الذي دار بين أبي حنيفة والأعمش حول هذا الحديث، وقول أبي حنيفة للأعمش بأنّ نقل هذا الحديث من سوء الأدب(3).
فكيف يصدّق بأنّ الإمام السجاد عليه السّلام قد روى هذا الحديث وسكت عليه؟(4).
(1) صحيح البخاري 5:95 و4:185.
(2) فتح الباري 7:69، 6:162، 9:268ـ269.
(3) التحفة الاثني عشرية: 355.
(4) وفي هذا الموضوع رسالة مطبوعة ضمن (الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة) تأليف السيد علي الحسيني الميلاني، فليرجع اليها من شاء التفصيل.