مطالبة الأزواج بميراثهن:
وخامساً: قد ثبت أنّ أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) أرسلن عثمان إلى أبي بكر يطالبنه بميراثهنّ من رسول اللّه، روى ذلك غير واحد من كبار الأئمة بأسانيدهم:
فقد أخرج عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، قالا: «إنّ أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أرسلن إلى أبي بكر يسألن ميراثهنّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأرسلت إليهنّ عائشة: ألا تتّقين اللّه؟! ألم يقل رسول اللّه: لا نورث ما تركنا صدقة؟! قال: فرضين بقولها وتركن ذلك»(1).
وأخرج ابن راهويه: «أخبرنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة: إنّ أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أرسلوا إلى أبي بكر يسألن ميراثهن . . .»(2).
وأخرج الرافعي: «عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، قالا . . .»(3).
ولم يذكر في هذه الروايات الرجل الذي أرسلنه، إلاّ أنّ ابن شبة يروي بسنده عن الزهري عن عروة عن عائشة «إنّ أزواج النبي أرسلن عثمان . . .»(4)، وكذا البلاذري(5)، وياقوت الحموي(6)، وغيرهما.
وفي إخفاء اسم «عثمان» نكتة لا تخفى!
ففي جميع هذه الروايات: «أرسلن».
لكنّ البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وغيرهم يروونه بنفس السند بلفظ: «أردن أن يرسلن عثمان . . .»(7).
والسرّ في تغيير التعبير واضح!!
وجاء في جميع الروايات: أنّ التي ردّتهنّ هي عائشة، بل في لفظ الطبراني عنها: «فكنت أنا التي رددتهنّ عن ذلك»(8) وفي رواية ابن شبة: «فانتهى أزواج رسول اللّه إلى ما أمرتهنّ»(9) وفي رواية الرافعي: «فرضين بقولها وتركن ذلك»(10).
ولكنْ قد تقدّم عن عائشة ما يدلُّ على عدم علمها ـ كسائر أزواج النبي ـ بما نسبه أبوها إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فتأمّل!!
(1) المصنّف 5 / 471 ح 9773.
(2) مسند ابن راهويه 2 / 362.
(3) التدوين في أخبار قزوين 4 / 27.
(4) تاريخ المدينة المنوّرة 1 / 207.
(5) فتوح البلدان 1 / 43.
(6) معجم البلدان 4 / 272.
(7) صحيح البخاري 8 / 268 ح 7، صحيح مسلم 5 / 153، مسند أحمد 6 / 262، سنن النسائي الكبرى 4 / 66 ح 6311.
(8) المعجم الأوسط 4 / 270 ـ 271 ح 3717.
(9) تاريخ المدينة المنوّرة 1 / 205.
(10) التدوين في أخبار قزوين 4 / 27.