2 ـ ترجمة حسين الأشقر:
وقد ترجمنا لأبي عبدالله الحسين بن حسن الأشقر الفزاري الكوفي، في مبحث آية التطهير، وقلنا هناك بأنّه من رجال النسائي في (صحيحه) وأنّهم قد ذكروا أنّ للنسائي شرطاً في صحيحه أشدّ من شرط الشيخين(1).
وأنّه روى عنه كبار الأئمّة الأعلام: كأحمد بن حنبل، وابن معين، والفلاّس، وابن سعد، وأمثالهم(2).
وقد حكى الحافظ ابن حجر بترجمته عن العقيلي، عن أحمد بن محمّد بن هانىء، قال: قلت: لأبي عبدالله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ تحدّث عن حسين الأشقر؟ قال: لم يكن عندي ممّن يكذب. وذكر عنه التشيّع فقال له العبّاس بن عبد العظيم: إنّه يحدّث في أبي بكر وعمر، وقلت أنا: يا أبا عبدالله، إنه صنّف باباً في معايبهما! فقال: ليس هذا بأهل أن يُحدّث عنه(3).
وهذا هو السبب في تضعيف غير أحمد.
وعن الجوزجاني: غال من الشتّامين للخِيَرة(4).
ولذا يقولون: «له مناكير» وأمثال هذه الكلمة، ممّا يدلّ على طعنهم في أحاديث الرجل في فضل عليٍّ أو الحطّ من مناوئيه، وليس لهم طعن في الرجل نفسه، ولذا قال يحيى بن معين: كان من الشيعة الغالية، فقيل له: فكيف حديثه؟! قال: لا بأس به.
قيل: صدوق؟ قال: نعم، كتبت عنه(5).
هذا، فالرجل ثقة وصدوق عند أحمد، والنسائي، ويحيى بن معين، وابن حبّان… وإنّما ذنبه الوحيد هو «التشيّع»، وقد نصّوا على أنّه غير مضرّ.
أقول:
لكنّ المهمّ ـ هنا ـ أنّه «صدوق» عند الحافظ ابن حجر أيضاً، فقد قال: «الحسين بن حسن الأشقر، الفزاري، الكوفي، صدوق، يهم ويغلو في التشيّع، من العاشرة، مات سنة 208. س»(6).
وإنّما أعدنا ترجمة الرجل لنؤكّد على أنّ ابن حجر قد ناقض نفسه مرّتين:
1 ـ في تضعيفه الرجل في «تخريج أحاديث الكشّاف» مع وصفه بـ «الصدق» في «تقريب التهذيب»!
2 ـ في طعنه في الرجل بسبب التشيّع أو الرفض ـ حسب تعبيره ـ مع أنّه نصّ في «مقدّمة فتح الباري» على أنّ الرفض ـ فضلا عن التشيّع ـ غير مضرّ.
وبذلك يسقط طعنه في حديثنا، وكذا طعن غيره تبعاً له.
تنبيه:
قد اختلف طعن الطاعنين فيما رواه الأئمّة: الطبراني، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه: عن حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس…
فالسيوطي لم يقل إلاّ «بسند ضعيف» وتبعه الآلوسي.
وابن حجر قال في «تخريج أحاديث الكشّاف»: «وحسين ضعيف ساقط» فلا كلام له في غيره، لكن في «فتح الباري»: «إسناده واه، فيه ضعيف ورافضي».
وابن كثير ـ وتبعه القسطلاني ـ قال عن حسين الأشقر: «شيخ شيعي محترق» وأضاف ـ في خصوص إسناد ابن أبي حاتم لقوله: حدّثنا رجل سمّاه: «فيه مبهم لا يُعرف».
والهيثمي أفرط فقال: «رواه الطبراني من رواية حرب بن الحسن الطحّان، عن حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع. وقد وثّقوا كلّهم وضعّفهم جماعة، وبقيّة رجاله ثقات».
وبما ذكرنا ـ في ترجمة الأشقر ـ يسقط كلام السيوطي والآلوسي، وكذا كلام ابن كثير في «الأشقر» أمّا قوله: «فيه مبهم لا يعرف» فيردّه أنّه إن كان هو «حرب بن الحسن الطحّان» فهو، وسنذكر ترجمته، وإن كان غيره فالإشكال مرتفع بمتابعته.
وكذا يسقط كلام ابن حجر في «تخريج أحاديث الكشّاف».
أمّا كلامه في «فتح الباري» فيمكن أن يكون ناظراً إلى «الأشقر» فقط، بأن يكون وَصَفَه بالرفض وضعّفه من أجل ذلك، ويمكن أن يكون مراده من «ضعيف» غير الأشقر الذي وصفه بالرفض… وهذا هو الأظهر، ومراده ـ على الظاهر ـ هو «قيس بن الربيع» الذي زعم غيره ضعفه، فلنترجم له:
(1) تذكرة الحفّاظ 2/700.
(2) تهذيب التهذيب 2/291.
(3 ـ 5) تهذيب التهذيب 2/291 ـ 292.
(6) تقريب التهذيب 1/175.