الجهة الأولى (في دليل عدم جواز التمسّك بالعام قبل الفحص)
فالمشهور بل كاد يكون متَّفقاً عليه ذلك، إلاّ أنّ الإختلاف في كيفية إقامة الدليل.
فقد ذهب جماعة إلى أنه لمّا كان مناط الأخذ بالاصول اللّفظيّة هو الظن الشخصي بالمراد، فإنه ما لم يفحص عن المخصّص أو المقيّد أو القرينة، لا يحصل الظنّ الشخصي حتى يأخذ بأصالة العموم أو الإطلاق أو الحقيقة.
وهذا الوجه يبتني ـ كما عرفت ـ على القول بدوران حجيّة الاصول مدار الظن الشخصي، لكن التحقيق دورانه مدار الظن النوعي.
وذهب الميرزا القمي(1) إلى وجه آخر وهو: إنّه لمّا كانت الخطابات الشرعيّة مختصّةً بالمشافهين، وسائر الناس مكلّفون بها من باب الظن المطلق، فالقدر المتيقّن من دليل اعتبار الظن المطلق هو حالة بعد الفحص عن المخصّص.
وهذا الوجه ـ كما ترى ـ مبني على اختصاص الخطابات الشرعيّة بالمشافهين وقانون الإنسداد، ومع القول بعدم انسداد باب العلمي، وأيضاً عدم اختصاص الخطابات… يسقط.
فالعمدة هو الأدلة المقامة من الشيخ وصاحب (الكفاية) والميرزا، وهي ثلاثة.
(1) قوانين الاصول 1 / 233.