الأول (في الفرق بين العام و المطلق).
إن العام والمطلق كليهما يفيدان شموليّة المفهوم، إلاّ أن الأوّل يفيد ذلك بحسب وضع الأداة، والمطلق يفيده ببركة مقدّمات الحكمة. هكذا قالوا.
والتحقيق هو: إن الحكم في المطلق يتوجّه إلى الطبيعة بما هي، وأمّا الخصوصيّات، فقد وقع الخلاف بينهم في أنها تُلحظ وترفض أو لا تلحظ أصلاً، وقد اختار الأُستاذ ـ في الدورة السّابقة ـ الأول من القولين. هذا بحسب مقام الثبوت.
أمّا في مقام البيان، فالموجود في هذا المقام هو البيان بالنسبة إلى الطبيعة وعدمه بالنسبة إلى الخصوصيّات، فهو يلحظ الرقبة ويلحظ خصوصياتها بنحو الإجمال ويرفضها، ولذا كان الإطلاق في مقام الإثبات عدميّاً، فالمتكلّم مع كونه في مقام البيان لم يبيّن دخل الخصوصيّة في حكمه، فكان عدم البيان دليلاً على عدم الدخل.
وأمّا في العام، فإن الخصوصيّات تلحظ وتؤخذ، فإذا قال: أكرم كلّ عالم، دلّ بكلمة «كلّ» على أخذه جميع الخصوصيّات ونزول الحكم عليها، ولذا قال المشهور بعدم الحاجة فيه إلى مقدّمات الحكمة خلافاً للميرزا كما سيأتي.
وبما ذكرنا يظهر: إن الشمول في طرف الإطلاق لازم له وليس الإطلاق، بخلاف العام فإن اللفظ يدلّ عليه بالمطابقة.
هذا، ولا يخفى الأثر على هذا الفارق الجوهري بين المطلق والعام، كقولهم بعدم وقوع التعارض بينهما، لكون العام حاكماً أو وارداً على المطلق لأنه بيان والمطلق عدم البيان… وإنْ خالفناهم في هذا المبنى، كما سيأتي في محلّه.
Menu