إشكال المحقق الإصفهاني
وقد تعرّض المحقق الإصفهاني لهذا الوجه في تعاليقه على ( نهاية الدراية )(1)فقال: إن صرف الوجود بمعناه المصطلح عليه في المعقول لا يطابق(2) له إلاّ الواجب تعالى وفعله الإطلاق، حيث إنه لا حدّ عدمي لهما وإن كان الثاني محدوداً بحدّ الإمكان. وبمعناه المصطلح عليه في الأُصول: إمّا أن يراد منه ناقض العدم المطلق وناقض العدم الكلّي كما في لسان بعض أجلّة العصر(3)، وإمّا أن يراد المبهم المهمل من حيث الخصوصيّات، وإمّا أن يراد منه اللاّبشرط القسمي المساوق لكونه متعيّناً بالتعيّن الإطلاقي اللازم منه انطباقه على كلّ فرد.
( قال ) فإن أُريد منه ناقض العدم المطلق والعدم الكلّي.
ففيه: إنّ كلّ وجود ناقض عدمه البديل له، وليس شيء من موجودات العالم ناقض كلّ عدم يفرض في طبيعته المضاف إليها الوجود.
وإرجاعه إلى أوّل الوجودات، باعتبار أنّ عدمه يلازم بقاء سائر الأعدام على حاله، فوجوده ناقض للعدم الأزلي المطلق لا كلّ عدم.
فهو لا يستحق إطلاق الصرف عليه، فإنه وجود خاص من الطبيعة بخصوصيّته الأوليّة، مع أنه غير لائق بالمقام، فإنه من المعقول إرادة أوّل وجود من الفعل، ولا تصحّ إرادته من أول وجود من عنوان المكلّف، فإنّ مقتضاه انطباقه على أسنّ المكلّفين.
كما لا يصحّ إرجاعه إلى أوّل من قام بالفعل.
فإنّ موضوع التكليف لابدّ من أن يكون مفروض الثبوت ولا يطلب تحصيله، فمقتضاه فرض حصول الفعل لا طلب تحصيله.
وإنّ أُريد المبهم المهمل.
فلا إهمال في الواقعيّات.
وإنّ أُريد اللاّبشرط القسمي، وهي الماهيّة الملحوظة بحيث لا تكون مقترنةً بخصوصية ولا مقترنةً بعدمها.
فيستحيل شخصيّة الحكم والبعث ـ مع لحاظ المكلّف بعد الاعتبار الإطلاقي ـ إذ لا يعقل شخصيّة الحكم ونوعيّة الموضوع وسعته، فلابدّ من انحلال الحكم حسب انطباقات الموضوع المطلق على مطابقاته ومصاديقه، فيتوجّه حينئذ السؤال عن كيفية هذا الوجوب الوسيع على الجميع مع سقوطه بفعل البعض. وسيأتي توضيح الجواب عنه.
(1) نهاية الدراية 2 / 278.
(2) كذا، والظاهر «مطابَق».
(3) يقصد الشيخ الحائري اليزدي في درر الأُصول.