والفارق بينه وبين التخييري هو المتعلّق والموضوع، ففي التخييري يتردّد متعلّق التكليف بين الصوم والإطعام والعتق ـ مثلاً ـ أمّا في الكفائي، فإنه يتردّد موضوع التكليف بين زيد وعمرو وبكر….
فالتكليف واحد، لكن الموضوع متعدّد، واستحقاق العقاب أو الثواب يكون للكلّ، بخلاف الواجب التخييري حيث الثواب أو العقاب واحد.
وقد اختلفت كلمات الأعلام في هذا المقام كذلك على وجوه:
الوجه الأوّل
فقال المحقق الخراساني(1): والتحقيق أنه سنخ من الوجوب، وله تعلّق بكلّ واحد، بحيث لو أخلّ بامتثاله الكلّ لعوقبوا على مخالفته جميعاً، وإن سقط عنهم لو أتى به بعضهم، وذلك قضيّة ما إذا كان هناك غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الكلّ أو البعض. كما أن الظاهر هو امتثال الجميع له أتوا به دفعةً واستحقاقهم المثوبة، وسقوط الغرض بفعل الكل، كما هو قضيّة توارد العلل المتعدّدة على معلول واحد.
وحاصل كلامه هو: أنّ حقيقة الوجوب الكفائي عبارة عن الوجوب المشوب بجواز الترك ـ كما في التخييري، غير أنه هناك جواز الترك إلى بدل في الفعل، وهنا جواز الترك إلى بدل في الموضوع ـ وقد ذكر وجهين لهذه الدعوى:
( أحدهما ) من جهة العلّة للحكم وهو الغرض، إذ الغرض واحد والفعل واحد وهو الحامل للغرض، وحينئذ، يستوي الحال بالنسبة إلى أفراد المكلّفين، فكلّ من أتى به فقد حصل الغرض وتحقّق الامتثال.
فالحاصل: إنّ موضوع التكليف هو كلّ الأفراد ـ لا جميعهم، لوحدة الغرض والفعل، ولا الأحد المفهومي المردّد منهم، لأنه غير حامل للغرض، ولا الأحد المردد المصداقي، لأنه لا وجود له ـ لكن سنخ التكليف هو أن الوجوب المتوجّه إلى كلّ واحد مشوب بجواز الترك له في حال قيام غيره به.
ولو أتى الجميع بالفعل ـ كأن صلّوا جماعةً على الميّت ـ كان الامتثال حاصلاً بفعل الكلّ، من باب توارد العلل المتعددة على المعلول الواحد.
وهذا هو ( الوجه الثاني ).
(1) كفاية الأُصول: 143.