دليل القول بالدلالة على الوجوب بالظهور الإطلاقي
وبعد وضوح عدم تماميّة القول بالدلالة اللّفظيّة على الوجوب، فهل تدلّ المادّة ـ وكذا الصيغة ـ على الوجوب بالدلالة الإطلاقيّة؟
إنّ أحسن ما استدلّ به لهذا القول تقريبان:
أحدهما: للمحقّق العراقي قدّس سرّه، فقال ما حاصله(1): إنّ الأمر موضوع للطلب، والطلب حقيقة تشكيكيّة، ذات شدّة وضعف، والأمر التشكيكي مرتبته الشديدة الكاملة ليس إلاّ الحقيقة، فهي بسيطة لا مركّبة، أمّا مرتبته الضعيفة الناقصة فمركّبة من الحقيقة ومن عدم المرتبة التامّة الكاملة. هذا في مقام الثبوت، وبناءً عليه، فإنّه في مقام الإثبات، إذا أراد المرتبة الناقصة وهو الندب ـ لزم بيان زائدٌ يدلّ على ذلك ـ بخلاف المرتبة التامّة الكاملة وهو الوجوب، فلكونها نفس الحقيقة فقط فلا يحتاج إرادتها إلى مؤنة زائدة ـ. وحينئذ، ففي كلّ مورد لا يوجد فيه البيان الزائد لإفادة المرتبة الناقصة، كان مقتضى أصالة الإطلاق إرادة الحقيقة التامّة للطلب، وهو المرتبة الشديدة، أي الوجوب.
هذا، وقد قرَّب الإطلاق بوجه آخر أيضاً لكنّه يرجع إلى الوجه المذكور.
(1) نهاية الأفكار 1/162 ـ 163.