المختار في الجواب لدى الشيخ الاستاذ

المختار في الجواب لدى الشيخ الاستاذ
وبعد أنْ فرغ شيخنا دام ظلّه من تحقيق الوجوه التي ذكرها الأعلام ، أفاد بلحاظها وبالنظر إلى كلام النحاة :
إنّ هيئة الماضي موضوعة للنسبة الموصوفة بالتقدّم على زمان النطق ، وهيئة المضارع موضوعة للنسبة الموصوفة بالتأخّر عنه ، من غير دخل للتقدّم والتأخّر في مفهوميهما ، فمفهوم « علم » ليس إلاّ المعنى الذي هو مدلول المادّة ، أمّا كونه « في الزمان الماضي » فهذه ضميمة من عندنا ، نعم ، هذا العلم يقع مقترناً بذاك الزمان ، أو مقترناً مع زمان الحال أو المستقبل في « يعلم » .
فليس في مفهوم الفعل والهيئة الموضوعة له الدلالة على الزمان ، ولا الخروج من القوّة إلى الفعل ، أو العدم إلى الوجود ، وإنما المدلول مجرّد تحقّق المادّة قبل أو بعد زمان النطق ، وهذه هي الخصوصيّة المشار إليها في كلام ( الكفاية ) … ومن هنا صحّ قولنا علم الله ، يعلم الله ، إذ ليس المعنى إلاّ وجود علمه تعالى قبلُ وفي الحال والمستقبل .
نعم ، لازم ذلك في الماديّات مثل « وجد زيد » ، و « يوجد زيد » هو الخروج من القوة إلى الفعل ، ومن العدم إلى الوجود ، وهذا لا ينافي ماذكرناه في المفهوم الموضوع له الهيئة .
كما أنّ « الإقتران » بالزمان أمرٌ ، وكون الزمان دخيلا في المعنى أمرٌ آخر ، وقد جاء في كلام ابن الحاجب ونجم الأئمة الرضي الإسترابادي وغيرهما أن الفعل كلمة مدلولها الحدث المقترن بأحد الأزمنة الثلاثه ، وهكذا جاء في كلام ابن هشام ، إلاّ أنّه خالف فقال كبعضهم في ( شذور الذهب )(1) بدلالة الفعل على الزمان ، ولذا ورد الإشكال .
والحاصل : إن الوقوع في الزمان والإقتران به في الوجود يعتبر قيداً للمفهوم وليس جزءً له ، فصحّ إطلاق الهيئة في الزمانيّات ، وفي المجرّدات ، وبالنسبة إلى الباري سبحانه وتعالى ، فتدبّر .

(1) شرح الكافية : 218 ط القديمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *