3 ـ هل يجري النزاع في الأفعال و المصادر المزيدة ؟
ووقع الكلام أيضاً في المصادر المزيدة والأفعال .
فصرّح المحقق الخراساني بعدم جريان البحث فيهما وقال : بأن المصادر المزيد فيها ـ كالمجرّدة ـ مدلولها عبارة عمّا يقوم بالذات ، وأمّا الأفعال فتدلّ على النسب الخاصّة ، من النسبة القياميّة والحلوليّة والصدوريّة والوقوعيّة ، ولا المادّة فيها قابلة للحمل ، ولا الهيئة ، فتكون خارجة عن البحث .
قال شيخنا دام ظله :
ولعلّ الوجه في تخصيصه البحث بالمصادر المزيد فيها : ما قيل في المجرَّد من أنه الأصل في الإشتقاق ، فيكون خروجه تخصصيّاً ، لأنه إذا كان مبدء الإشتقاق فهو غير مشتق ، ثم إنه أشار إلى المصدر المجرَّد أيضاً للدّلالة على مسلك التحقيق من أنّه أيضاً مشتق ، لأنّ المشتق ما اُخذ من المادّة البسيطة « ض ، ر ، ب » ونحوه ، وكان تحت هيئة من الهيئات ، والمصدر كذلك ، إذ مدلوله النسبة الناقصة ، وله هيئة .
فالصحيح : إن المصادر مطلقاً مشتقّة ، والأصل في الإشتقاق هي تلك الهيئة المجرّدة عن المادّة ، والتي نسبتها إلى المادّة نسبة الهيولى إلى الصّورة النوعيّة ، فكما أنّ الهيولى تتخلّى عن صورة لتأخذ صورة اخرى ، فكذلك مادة « ض ، ر ، ب » إذا كانت في هيئة لا يمكن أن تأخذ هيئةً اخرى ، فقولهم : المصدر أصل الكلام لا أصل له .
وقد يقال : بأنّ هيئة اسم المصدر لمّا كانت لا تدلّ على شيء سوى أنها للتلفّظ ، فهي الأصل في الكلام ، بخلاف المصدر فإن له نسبة ناقصة ، فإنْ لوحظ بحيثيّته الصدوريّة كان مصدراً ، وإنْ لوحظ بدونها فهو اسم مصدر ، ويقابلهما الفعل ، فإنّ هيئته تامّة يصحّ السكوت عليها ، والمدلول فيه هو النسبة التامّة .
وأمّا الإستدلال على خروج الأفعال بأنها مشتملة على النسبة الصدوريّة والحلوليّة ، فهي غير قابلة للحمل ، فينقض بهيئة اسم الفاعل مثل « ضارب » الذي نسبته صدوريّة ، و « حلو » الذي نسبته حلوليّة ، بل التحقيق أن المناط هو الصلاحيّة للاتحاد مع الذات ، وهذا موجود في سائر المشتقات غير المصادر والأفعال.
Menu