رأي السيد الحكيم
وعلى الجملة ، فإن هذا الوجه لا يحلّ المشكلة من جهة تصحيح الإستعمال ، فإن اللّفظ الدالّ على تلك المراتب بأيّ وجهة يدل ؟ إن كانت دلالته حقيقيةً ، كان موضوعاً للكلّي والمراتب مصاديق ، وإنْ كانت دلالته مجازيّةً ، فلازمه أنْ تكون ألفاظ القرآن هذه كلّها مجازاً ، ولا يجوز الإلتزام به وإنْ التزم به السيد الحكيم ، حيث قال(1) بأن بطون القرآن من قبيل استعمال اللّفظ في مجموع المعاني ، فكلّ واحد منها ليس الموضوع له بل استعماله فيه مجازي .
وهذا الوجه ممنوع جدّاً .
هذه عمدة الوجوه المذكورة في حلّ المطلب ، ولم يرتض شيخنا شيئاً منها .
فقال شيخنا :
إن لسان الروايات في بطون القرآن مختلف ، فمنها : ما يفيد أنّ الظاهر عبارة عمّن نزل فيه القرآن ، والباطن عبارة عن الذين يعملون أعمال من نزل فيه ، ومنها : ما يفيد أن ظاهر بعض الآيات هو القصّة والباطن هو الموعظة ، ومنها : ما يفيد أن الظاهر هو التنزيل والباطن هو التأويل ، ومنها : ما يفيد أن الباطن عبارة عن التطبيقات العددية ، ومنها : ما يفيد أن المراد من البطون هو الوجوه السبعة ، ومنها : ما جاء فيه : إن بطون القرآن عجائبه وغرائبه ، ومنها : ما جاء فيه من أنها التخوم … ومنها : ما يستفاد منه غير ذلك .
وعلى كلّ حال ، فما ذكره الاصوليون في معنى هذه الروايات الكثيرة الثابتة لا ينطبق إلاّ على بعضها بنحو الموجبة الجزئيّة .
والحق ـ بناءً على المختار في حقيقة الوضع من أنه العلامتيّة ـ هو جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى ، إذ لا مانع من أن يكون اللّفظ الواحد علامةً لمعاني عديدة ، و اسماً لعدّة امور .
أقول : لكن المشكلة هي أنه إذا كان اللّفظ علامةً لعدّة من المعاني في عرض واحد ، فكيف لم يعلم أهل اللسان إلاّ بواحد منها وهو المعنى الظاهر فيه اللَّفظ ، والمعاني الاخرى التي هي البواطن لا يعلم بها إلاّ الراسخون في العلم وهو معدودون ؟ ومَن الواضع للّفظ على تلك المعاني الباطنة التي استعمل فيها ؟
وهذا تمام الكلام في استعمال اللّفظ في أكثر من معنى .
(1) حقائق الاصول 1/95 ط البصيرتي .