1 ـ الصّيد الذي استعاره المُحرم

1 ـ الصّيد الذي استعاره المُحرم
فنقول:
إنه إذا استعار المحرم الصيد من المحلّ، فإنه يخرج بذلك عن ملك المالك المحلّ، فكأن هناك تضادّاً بين يد المحرم وملكيّة الصّيد، فبمجرّد تحقق يده عليه يكون من المباحات.
وبتقريب آخر: إذا استعار الصّيد وجب عليه إرساله، والإرسال إتلافٌ، وجواز إتلاف مال الغير يكشف عن عدم ملكه.
إذن، فالاستعارة أوجبت إتلاف مال الغير، والإتلاف يوجب الضمان، فيكون المورد خارجاً عن البحث، لأن الموضوع لقاعدة ما لا يضمن… هو التلف لا الإتلاف، فلا تنتقض القاعدة به.
هذا بناءً على أن الاستعارة توجب ذلك، كما قال جمع من الأعلام، بل صرّح به الميرزا الاستاذ.
إلاّ أنّا لا نوافق على ما ذكر، لعدم الدليل على وجود التضادّ بين يد المحرم وملكيّة الصّيد، حتى لو كانت الملكية للغير، نعم، الدليل على عدم ملكيّة المحرم لما اصطاده قبل الإحرام موجود.
وأمّا قضية أنّ مال الغير لا يجوز إتلافه، فإذا جاز الإتلاف كشف عن عدم ملكية الغير للشيء، فقضيّةٌ صحيحةٌ، لكنّ عدم جواز إتلافه ليس مطلقاً، بل هو مقيّد بعدم المجوّز له شرعاً، فإذا جاء المجوّز جاز ووجب الضّمان، لعدم الملازمة بين الحكمين التكليفي والوضعي كما لا يخفى.
هذا كلّه بناءً على وجوب ارسال الصيد على المحرم وخروجه عن ملكيّة الغير، على ما تقدّم، إذ هو إتلاف وليس بتلف.
لكنّ الشيخ حاول تقريب الضمان بنحو يكون مستنداً إلى التلف لا الإتلاف، وببيان صناعي جميل، فقال:
إلاّ أنْ يقال: إن وجه ضمانه ـ بعد البناء على أنه يجب على المحرم إرساله وأداء قيمته ـ : إن المستقر عليه قهراً بعد العارية هي القيمة لا العين، فوجوب دفع القيمة ثابت قبل التلف بسبب وجوب الإتلاف الذي هو سبب لضمان ملك الغير في كلّ عقد لا بسبب التلف.
وتوضيحه:
إنّ الصيد بيد المحرم عارية واجب الإرسال، وإرساله إتلافٌ وهو سبب ضمان القيمة، فهو قبل التلف حيث أنه مكلّف بالإتلاف ضامنٌ شرعاً للقيمة، إذ الضمان أثر لذلك التكليف وهو مترتّب من حينه، فضمان القيمة ثابت قبل حصول التلف خارجاً.
أقول:
لا إشكال في أنّه لو كلّف بإيجاد العلّة فالتكليف بالمعلول أيضاً حاصلٌ، لعدم انفكاكه عن العلّة، لكنّ هذا إنما يكون في حال كونهما على نسق واحد، وما نحن فيه ليس كذلك، لأن التكليف بالإتلاف بإرساله فعليٌّ، والضمان موقوفٌ على تحقّق الإتلاف، فلا يعقل أن يكون التكليف بالإرسال تكليفاً بالضمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *