دليل القول بعدم اللزوم
واستدلّ للثاني:
بآية الوفاء، لكون اللاّم فيها للعموم، وأنه لا وجه لحملها على العهد، وكذا آية الحلّ لكونها مطلقة، فتشمل جميع أفراد البيع، فكلّ عقد صدق عليه عنوان العقدية يجب الوفاء به، وكلّما صدق عليه عنوان البيع فهو حلال يترتّب عليه الأثر، والصّدق في كلتيهما مع تقديم القبول على الإيجاب حاصل.
وعليه، فكلّ ما قام الدليل على خروجه من تحت آية الوفاء تخصيصاً أو آية الحلّ تقييداً، سقط الاستدلال بالآيتين بالنسبة إليه، ويبقى ما عداه مشمولاً لهما، فالعلم الإجمالي منحلّ.
وبفحوى ما ورد في النكاح من تقدّم القبول، لأن النكاح أهمّ من البيع، ولنذكر بعض النصوص بالإضافة إلى ما تقدّم:
عن سهل بن سعد الساعدي: «إنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله جاءت إليه امرأة فقالت: يا رسول اللّه، إني قد وهبت نفسي لك، فقال: لا إربة لي في النساء، فقالت: زوّجني بمن شئت من أصحابك، فقام رجل فقال صلّى اللّه عليه وآله: يا رسول اللّه زوّجنيها، فقال: هل معك شيء تصدقها؟ فقال: واللّه ما معي إلاّ ردائي هذا. فقال صلّى اللّه عليه وآله: إن أعطيتها إياه تبقى ولا رداء لك، هل معك شيء من القرآن؟ فقال: نعم، سورة كذا وكذا، فقال: زوّجتكها على ما معك من القرآن»(1).
وعن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله فقالت: زوّجني، فقال رسول اللّه: من لهذه؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول اللّه، زوّجنيها، فقال: ما تعطيها؟ فقال: مالي شيء. فقال: لا. قال: فأعادت، فأعاد رسول اللّه الكلام، فلم يقم أحد غير الرجل، ثم أعادت، فقال رسول اللّه في المرّة الثالثة: أتحسن من القرآن شيئاً؟ قال: نعم، فقال: قد زوّجتكها على ما تحسن من القرآن فعلّمها إيّاه»(2).
وظاهر كلام الشيخ في المبسوط في باب النكاح عدم الخلاف في صحّته بين الإمامية(3).
(1) مستدرك الوسائل 15 / 61، باب جواز كون المهر تعليم شيء من القرآن، الرّقم: 1.
(2) وسائل الشيعة 20 / 262، الباب 1 من أبواب عقد النكاح، الرّقم: 3.
(3) المبسوط في فقه الإماميّة 4 / 194.