النقض الثاني:
قوله:
وكذا الشرط الفاسد، لم يقصد المعاملة إلاّ مقرونة به، غير مفسد عند أكثر القدماء.
أقول:
إذا كان الشرط على خلاف الكتاب والسنّة فهو فاسد ولا يلزم الوفاء به، لكنّ العقد صحيح، وعليه أكثر القدماء، مع أن المتعاملين قد أناطا المعاملة بالشرط، فكان مقصودهما التمليك المقيد ولم يقع، ووقع التمليك المطلق الذي لم يكن مقصوداً لهما، فتخلّف العقد عن القصد.
وقد ذكرنا أن هذا التخلّف صوري ولا يضرّ بالقاعدة المسلّمة، والسرّ في ذلك هو: إنه لا يعقل أن يكون القيد قيداً للملكيّة، إذ التقييد لابدّ وأنْ يكون بأمر غير حاصل فعلاً، فإذا باع بشرط الكتابة مثلاً، لم يكن تقييد التمليك بها بمعنى القيديّة للملكية، وإلاّ لزم عدم حصولها قبل حصول الكتابة، إذ لا يعقل تحقّق المقيَّد قبل حصول القيد، والمفروض صحة المعاملة، فالشرط إنما هو عبارة عن الالتزام في ضمن العقد، لا أن مضمون العقد مقيّد به.
وكان الميرزا الأستاذ رضوان اللّه عليه يقول: بأنّ الإنسان لمّا يبيع الشيء يكون ثباته على المعاملة وإلتزامه بما فعل، مملّكاً للطرف، فهو يملّك التزامه لصاحبه ويجعله مسلَّطاً على التزامه، لكن هذا الالتزام ـ عندما يُجعل في العقد شرطاً ـ منوط بقيام طرفه بالشرط، وإلاّ كان إلتزامه باقياً تحت تصرّفه.
فالتخلّف عن الشرط بصورة كلّية ـ أي سواء كان فاسداً أو صحيحاً لكن لم يف به الطرف ـ يوجب الخيار، فله أن يفسخ العقد ويحلّه[1].
[1] وقال المحقق الخوئي: والتحقيق أنّ الشرط قد يكون قيداً لأصل العقد، بحيث يكون الإنشاء معلَّقاً على حصول الشرط، بأنْ قال البائع: بعتك المتاع الفلاني إنْ قدم الحاج وإلاّ فلا أبيع، وقد يكون الشرط إلتزاماً آخر في ضمن الالتزام العقدي من دون أنْ يكون الملتزم به قيداً لأصل العقد. وعلى الأوّل، فالتعليق يوجب فساد العقد وإنْ لم يكن فاسداً، لقيام الإجماع على بطلان التعليق في العقود. وعلى الثاني، فالالتزام بصحّة العقد مع فساد الشرط لا يستلزم تخلّف المقصود عن القصد. وتفصيل الكلام في محلّه»(1).
وقد أشكل عليه بعض مشايخنا دام بقاه: بأن هذا الإلتزام الحاصل أمر إضافي، فهو التزام بالأمر المعلَّق عليه، وحينئذ يعود الإشكال.
وقد أوردنا على هذا: بأنه ينتقض بما ذكره في الجواب عن إشكال السيّد الجدّ على الميرزا في حقيقة البيع: بأنّ البيع أمر اعتباري، ولا مانع من أن يكون بلا طرف، فتدبّر.
(1) مصباح الفقاهة 2 / 108.