ما هو مقتضى الأصل؟
فما المراد من هذا الأصل؟
لا يبعد أن يكون هو الإجماع، أو يقال بتجويزهم التمسّك بالعام في الشّبهة المصداقيّة، بأن يقال ـ فيما لو اشترط سقوط الحق ضمن عقد وشك في نفوذ هذا الشرط وتأثيره ـ بالتمسّك بعموم آية الوفاء بالعقود(1)، وعموم «المؤمنون عند شروطهم»(2).
هذا غاية ما يمكن أن يقال.
أقول: تارةً: يذكر عنوان ويُجعل موضوعاً ويرتب عليه الحق، كأنْ يقال: وليّ الدّم له حق القصاص، ومشتري الحيوان له حق الفسخ، والزوجة لها حق المضاجعة… وهكذا. ففي هذه الموارد، لو شكّ في قابلية الحق للنقل والسّقوط والانتقال، رجع الشك إلى أنه هل هذا العنوان بمثابة علّة تامة أو أنه مقتض؟
قد ذكرنا أنّ كلّ حق ـ بأي معنىً كان ـ جعل لعنوان كان ذلك العنوان بمثابة علّة تامّة له، فلا يعقل سقوطه وإسقاطه ونقله، لاستحالة انفكاك المعلول عن علّته. فإنْ شك في حال العنوان، كان مقتضى القاعدة بحسب التفاهم العرفي العقلائي ـ في كلّ عنوان جعل موضوعاً لحكم تكليفي أو وضعي ودار أمره بين العليّة والاقتضاء ـ هو كونه بنحو العليّة ودوران الحكم مداره، وعليه، يحكم بعدم قبوله لشيء من ذلك، ولا مجال للتمسّك بالعمومات، لكونها أجنبيّة من جهة أنّ الشّبهة تخصصيّة.
واخرى: يترتب الحق على موضوع، ولم يتحقّق هذا الاستظهار العرفي المتفاهم العقلائي، واحتمل أنْ يكون عنواناً إقتضائياً، كان التمسّك بالعمومات ـ لأجل إثبات القابليّة للسّقوط والإسقاط والنقل ـ من قبيل التمسّك بالعامّ في الشّبهات المصداقيّة.
وثالثة: يحرز كون العنوان اقتضائيّاً، وكون الحق مجعولاً للغبطة، وحينئذ يمكن التمسّك بالعمومات، فلو شك في أنّ الشارع منع عن النقل والسّقوط والإسقاط أوْ لا، رجع إلى الشك في مانعيّة شيء أو شرطيّته، والمشهور جواز التمسّك بالعمومات حينئذ، وعليه، فيحكم بقابليّته لذلك.
(1) سورة المائدة: 1.
(2) وسائل الشيعة 21 / 276، الباب 20 من أبواب المهور، الرقم 4.