المسألة الخامسة
(في ما إذا ادعى العبد العتق وأقام البينة)
قال المحقق قدّس سرّه: «إذا ادعى العبد العتق وأقام بيّنة تفتقر إلى البحث وسأل التفريق حتى تثبت التزكية. قال في المبسوط: يفرق.
وكذا لو أقام مدعي المال شاهداً واحداً، وادعى أن له آخر وسأل حبس الغريم ، لأنه متمكن من إثبات حقه باليمين.
وفي الكلّ إشكال، لأنه تعجيل العقوبة قبل ثبوت الدعوى»(1).
أقول: قال الشيخ: «إذا ادعى عبد على سيده أنه أعتقه فأنكر، فأتى العبد بشاهدين فشهدا له عند الحاكم بذلك ولم يعرف الحاكم عدالتهما، فقال له العبد: فرق بيننا حتى نبحث عن العدالة، قال قوم: يفرّق بينهما وقال آخرون: لا يفرق، والأول أقوى، لأن العبد قد فعل ما يجب عليه، لأنه أتى ببينة كاملة، وإنما بقي ما ليس عليه من البحث عن حال الشهود، ولأن الظاهر العدالة حتى يظهر الجرح، ولأن المدعي قد يكون أمة، فإذا لم يفرق بينهما لم يؤمن أن يواقعها، فلهذا يفرق بينهما…»(2).
أقول: قد ذكر الشيخ لما ذهب إليه دليلين:
أحدهما: أصالة العدالة في المسلم. وهذا فيه بحث وخلاف.
والآخر: إن العبد أتى ببينة كاملة.
وفيه: إن المفروض عدم ثبوت عدالة الشاهدين عند الحاكم، والشيخ نفسه قال بعدم الحكم في زمن الفحص عن العدالة.
وكذا الكلام في الأمة المدعية للعتق، وفي الفرع الثاني الذي ذكره المحقق.
والحاصل: إنه ما لم يتم ميزان الحكم ولم يحكم الحاكم، لا يترتب على سؤال العبد والمدعي شيء، ولا أقل من اقتضاء الإستصحاب بقاء العبد على ملك مولاه، وبقاء المال المدّعى به على ملك مالكه.
(1) شرائع الإسلام 4 : 146.
(2) المبسوط في فقه الإماميّة 8 : 254.