6 ـ هل يشترط كون الموصي في غربة؟
قال المحقق: «ولا يشترط كون الموصي في غربة، وباشتراطه رواية مطرحة»(1).
أقول: في هذه الجهة قولان، وظاهر الآية الكريمة: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ)(2). كون الموصي مسافراً، فالجملة شرطية ومفهومها حجة، وبه أخذ جماعة، كالشيخ في (المبسوط)(3) وابن الجنيد(4) وأبي الصلاح الحلبي(5)، بل ربما يفهم من بعضهم الإجماع عليه كما في (الجواهر)(6).
والإشتراط صريح أخبار أحمد بن عمر(7)، وهشام بن الحكم(8)، وحمزة بن حمران(9)، وقد جاءت الأخيرة في (المسالك) و (الجواهر) وغيرهما بلفظ «إنما ذلك إذا كان الرجل المسلم في أرض غربة»(10) أي بكلمة «إنما» الدالة على الحصر ، وهي غير موجودة في الوسائل(11).
وكيف كان، فإن الجملة شرطية، ومفهومها حجة، والسند في الأولين تام بلا كلام، فلا وجه للطرح، ودعوى الإجماع على عدم الاشتراط غير تامة.
ودعوى ورود ذلك مورد الغالب كما في (الجواهر)(12)، كما ترى، إذ لا تدخل أداة الحصر «إنما» ولا تجئ الجملة الشرطية حيث يكون القيد وارداً مورد الغلبة.
نعم، لو كانت الجملة «لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد» تعليلية، أمكن رفع اليد بها عن قيد «السفر» بناءاً على تقدّم عموم العلّة على المفهوم، لكن في ظهور الجملة المذكورة في التعليل تأمل.
(1) شرائع الإسلام 4 : 126.
(2) سورة المائدة 5 : 106.
(3) المبسوط في فقه الإمامية 8 : 187.
(4) مختلف الشيعة 8 : 507 . عن ابن الجنيد.
(5) الكافي في الفقه : 436.
(6) جواهر الكلام 41 : 20.
(7) وسائل الشيعة 27 : 390/2 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(8) وسائل الشيعة 27 : 390/3 . كتاب الشهادات ، الباب 40.
(9) وسائل الشيعة 19 : 312/7 . كتاب الوصايا ، الباب 20.
(10) المسالك : 14/162 ، جواهر الكلام 41 : 20.
(11) كلمة « إنّما » موجودة في الكافي . راجع الكافي 7 : 399/8.
(12) جواهر الكلام 41 : 20.